لكل السوريين

التعليم في سوريا.. فوضى وتسرب، والدروس الخصوصية الحل الأمثل

تقرير/ أ ـ ن

يقصد بالمجانية أن تكفل الدولة إتاحة التعليم الابتدائي مجاناً، فلا يجب فرض أي رسوم أو تكاليف مباشرة أو غير مباشرة، فجميعها يشكل عاملا مثبطا وحائلا دون التمتع بالحق في التعليم، وكثيراً ما يكون لـه أثر انتكاسي للغاية أيضاً، وهي باهظة جدا مقارنة بوسطي دخل الفرد، وتكون جديدة على حساب أولياء الامورالخاص التي يتم تصويرها أحيانا كما لو كانت طوعية ولكنها ليست طوعية في الواقع.

وإن اضطرار معظم الأهالي إلى الدفع مقابل دروس خصوصية تلغي جوهر مجانية التعليم الابتدائي، وهو ما تعكسه نسبة معدل الالتحاق بالتعليم الأساسي التي انخفضت بطرطوس وريفها، وكذلك انخفض معدل إكمال الدراسة في التعليم الأساسي، وعدد المقبولين من طلاب الثانوية العامة بفروعها المختلفة في التعليم العام المجاني في المرحلة الجامعية يتراجع عاماً بعد آخر على حساب زيادة أعداد المقبولين في أنظمة التعليم المأجورة، وخاصة التعليم الموازي، ولم يتم الإعلان عن هذه النسبة في العام الدراسي 2023-2024 في طرطوس ، وهي لا شك أصبحت أكبر من 50%، والغطاء لذلك الإجراء الظالم بحق الطلاب هي سياسات القبول الجامعي المجحفة، وكذلك تتزايد أعداد الطلاب المتسربين من المدارس العامة المجانية بمرحلة التعليم الأساسي والثانوي، بسبب تراجع العملية التعليمية فيها إلى المدارس والمعاهد الخاصة، التي تزايدت أعدادها بمراحل التعليم ما قبل الجامعي، الأساسي بحلقاته الأولى والثانية، والثانوي، الأكثر من ذلك أن التعليم العام بمراحله كافة لم تعد مفردة مجاني تنطبق عليه، فعلى سبيل المثال بات طلاب وتلاميذ مرحلة التعليم الأساسي والثانوي في الكثير من المدارس بريف ومدينة طرطوس يتحملون قيمة أوراق المذاكرات والامتحانات، بالإضافة إلى التكاليف الكبيرة الأخرى التي لا تقف عند ثياب المدرسة والكتب والدفاتر والقرطاسية فقط، بل تتعداها إلى تكاليف بعض مستلزمات العملية التعليمية مثل أقلام السبورة ومازوت التدفئة وغيرها، ولا ننسى ما يتم تكبده من تكاليف على الدروس الخصوصية المكلفة، وخاصة لطلاب شهادتي التعليم الأساسي والثانوي.

رغم أن الحكومة السورية صادقت على العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في العام 1976 والتي تنص على “تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد من كفالة إلزامية ومجانية التعليم الابتدائي”، حيث أن الحق في التعليم، معترف به في المادتين 13 و14 من العهد، هو حق اقتصادي وحق اجتماعي وحق ثقافي، وأيضاً حق مدني وحق سياسي. وبالتالي فإن الحق في التعليم يعبر عن عدم قابلية حقوق الإنسان للتجزئة، كما يعبر عن ترابط هذه الحقوق جميعها، ولا يمكن للدولة أن تتهرب من الالتزام الذي لا لبس فيه باعتماد خطة عمل بحجة عدم توفر الموارد اللازمة لذلك.

وزارة التعليم العالي ومؤسساتها في طرطوس كانت سباقة بإبداع بوابات إنهاء مجانية التعليم من خلال أنظمة التعليم المأجورة التي أدخلتها على التعليم الجامعي (الموازي- المفتوح- الافتراضي)، على حساب التعليم العام المجاني، بالإضافة إلى تزايد أعداد الجامعات الخاصة التي تتزايد فيها الكليات والاختصاصات.

والتكاليف التي يتكبدها طلاب مرحلة التعليم الجامعي فهي ضخمة جدا، ولا تقف عند الرسوم السنوية المتزايدة التي يتم تسديدها فقط، بل تشمل قيمة الكتب والمحاضرات ومستلزمات التعلم التي باتت كثيرة ومكلفة، وخاصة للفروع العلمية، اعتبارا من جهاز الحاسوب الذي بات ضرورة للطلاب، وليس انتهاء بالمستلزمات المخبرية ومستلزمات مشاريع التخرج.

والأمر على هذا النحو لم يعد مرتبطا بقضية تخفيض الإنفاق العام وذرائعه غير المبررة، بل بالسير نحو التفريط بمجانية التعليم المصونة دستورا، بحسب ما هو مفترض، أي مزيد من التمييز والتباين، ونبذ أصحاب الدخل المحدود والفقراء عبر إغلاق المنافذ أمامهم لاستكمال مسيرة تعلمهم.

السيدة الدكتورة نهلة أضافت: الفساد متواجد في قلب الوزارة نفسها ومؤسساتها، ولا يذهب شيئا إلى الخزينة العامة، ما ينعكس على تحسين الأداء، علما أن هذه المواضيع بحاجة إلى قوننة على أن تكون التشاركية لمصلحة المؤسسة كاملة، من واجب المجتمع المحلي أن يطور التربية والتعليم ويساعد مؤسساتها، وضرورة تحقيق التشاركية في مختلف القطاعات، وحول الاعتمادات المخصصة للمديرية في الموازنة الاستثمارية، فهي قليلة جدا، واشير الى ان طباعة الكتب المدرسية تستوجب أشكالا وطرقا جديدة، على العموم الامر يتطلب تحسين عدد من القوانين مع تحسين الواقع المعيشي للمعلم، ولكن هذا يتطلب حصة من الاستثمار تعود إلى المديرية للقيام بنهضتها، أن مجانية التعليم شيء ضروري وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي، والدولة تتحمل عبئا كبيرا جدا بسبب سوء التخطيط والإدارة والفساد.