اختتم “تحالف ندى” (التحالف النسائي الديمقراطي الإقليمي) مؤتمره الأول، والذي انعقد في مدينة السليمانية في إقليم كردستان، بمجموعة من الأهداف والرؤى التي تهدف إلى تعزيز النضال النسائي، ودعم مبادرات السلام والمجتمع الديمقراطي، وفي مقدمتها المبادرة التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان، باعتبارها مبادرة محورية لحرية النساء.
جاء ذلك في البيان الختامي الذي أصدره التحالف عقب انتهاء المؤتمر، والذي امتد من 15 حتى 17 أيار الجاري، واستمر على مدار ثلاثة أيام، تحت شعار: “نحو مجتمع ديمقراطي قائم على الثورة النسائية”، بمشاركة المئات من الناشطات والمنظمات والمؤسسات النسائية من مختلف بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن مختلف الشعوب والمكونات الشرق أوسطية والشمال أفريقية.
وأكد البيان أن المؤتمر انعقد في ظل مستجدات دولية وإقليمية ساخنة تحمل في طياتها تغيرات كبيرة على جميع الأصعدة، وخصوصاً في ما يتعلق بأوضاع النساء، من حيث السياسات المجحفة والآثار الكارثية التي طالت النساء في مناطق النزاعات، إلى جانب الفرص التاريخية التي تقابل تلك التحديات.
تناولت جلسات المؤتمر قضايا نظرية مهمة تتعلق بالمرأة في الشرق الأوسط، وما تتعرض له من تهميش وإقصاء على مختلف الأصعدة. واعتبر المؤتمر أن ما تشهده المنطقة من صراعات يشكل حرباً عالمية ثالثة غير معلنة، تمثل إبادة ممنهجة للنساء، كما في شنكال، وفلسطين، والسودان، واليمن. وقد حمّل المؤتمر الدول القومية المسؤولية، بوصفها أنظمة تفتقر إلى الديمقراطية، إلى جانب الحكم الديني السياسي المتحالف مع الرأسمالية العالمية.
وفي هذا السياق، أشار المؤتمر إلى التراجع الحاد في أوضاع النساء بفعل القوانين والدساتير التي تكرس المفاهيم الذكورية والقيَم الرجعية، ما أدى إلى تدهور البنية الاجتماعية وفقدان مكتسبات المرأة في عديد من الدول.
وسلط المؤتمر الضوء على إرث النضالات النسوية على مر العقود، والدور الذي لعبته النساء في الحفاظ على الهوية الثقافية والمجتمعية للمجتمعات الأمومية التي كانت أساس الحضارة الإنسانية، كما تناول نضالات النساء المعاصرات في شمال وشرق سوريا والسودان واليمن وتونس، وكذلك الثورة النسائية التي حملت شعار “Jin, Jiyan, Azadî” (المرأة، الحياة، الحرية) في إيران، مؤكداً على ضرورة بناء المجتمعات انطلاقاً من حرية المرأة والعلاقات التشاركية الندية بينها وبين الرجل.
وأكدت المشاركات خلال النقاشات على أهمية استثمار الفرص التاريخية المتاحة، وتصعيد نضال الحركات النسائية والمنظمات الفاعلة من أجل ترسيخ قيم السلام وبناء مجتمع ديمقراطي قائم على الثورة النسائية. ودعت المشاركات إلى ضرورة تعزيز التحالفات النسوية على المستوى الإقليمي في مواجهة النيوليبرالية والتحالفات الأبوية المعادية للنساء، وذلك عبر منظور الكونفدرالية الديمقراطية النسائية.
كما شددت المشاركات على أهمية امتلاك النساء لآليات الحماية والدفاع عن الذات، قانونياً ودستورياً وأمنياً، في ظل النزاعات والحروب الطاحنة التي تعصف بالمنطقة.
ودعا المؤتمر إلى تطوير الانطلاقة السياسية للنساء برؤية موحدة ومتكاملة، والعمل على استمرار الإرث النسائي الأممي عبر بناء شبكات نسائية عالمية، والتأكيد على الدور الريادي لتحالف ندى في تعزيز مفهوم الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، بما يضمن استمرارية الثورة النسائية المستندة إلى شعار “المرأة، الحياة، الحرية”، من أجل تقديم حلول جذرية للقضايا المعاصرة وتولي النساء دور القيادة في بناء مجتمع يسوده السلام والديمقراطية.
وخلال اليوم الثالث من المؤتمر، ناقشت المشاركات أنشطة التحالف في الفترة الماضية، وتم تقييم الأداء العام، والتوافق على جملة من الأهداف الاستراتيجية الجديدة، إلى جانب تشكيل سبع لجان متخصصة لتنفيذ مشاريع التحالف، وخرج المؤتمر بجملة من التوصيات والقرارات، أهمها:
1. تعزيز تحالف ندى كتحالف جامع برؤية نسائية شاملة، تستند إلى المرجعية الكونية لحقوق الإنسان، واعتماد اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)، واتفاقية إسطنبول، وقرار مجلس الأمن 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، وكافة البروتوكولات الإقليمية ذات الصلة.
2. تبني وثيقة الكونفدرالية النسائية الديمقراطية العالمية، واعتبار وثيقة الثورة النسائية في شمال وشرق سوريا مرجعية أساسية للتحالف، من أجل تطوير أممية نسوية ثورية.
3. تعزيز التنظيم النسائي وتكثيف النضال لأجل بناء مجتمع قائم على الحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة التشاركية بين الرجل والمرأة.
4. النضال من أجل إحلال السلام وبناء مجتمع ديمقراطي قائم على حرية الفرد، مع رفض كافة أشكال التطرف والنزعات القومية والدينية والمذهبية التي تمزق المجتمعات وتهدر حقوق النساء.
5. دعم مبادرة “السلام والمجتمع الديمقراطي” التي أطلقها القائد عبد الله أوجلان، بوصفها مبادرة معنية جوهرياً بحرية النساء ومصيرهن في المنطقة.
6. المطالبة بالإفراج الفوري عن الأسيرات والمعتقلات السياسيات في سجون الأنظمة القمعية والاحتلال.
7. التضامن مع قضية النساء الإيزيديات، ودعم نضالهن المستمر في مواجهة الانتهاكات والإبادة الجماعية التي تعرضن لها.
8. تعزيز التضامن الوطني والأممي لنصرة قضايا النساء في كافة أنحاء العالم، من فلسطين والسودان وسوريا واليمن، إلى قضايا العنف الجنسي، وسياسات التهجير القسري، والتغيير الديمغرافي، والنزاعات السلطوية والحروب الاحتلالية.
9. تمتين شبكة التعاون والتشبيك بين المنظمات النسائية، وتبادل الخبرات والرؤى، وتعزيز أواصر المناصرة، باعتبار أن القضية النسائية هي قضية إنسانية تتجاوز الحدود الجغرافية والسياسي