لكل السوريين

“قطينة” بلدة حمصية تعاني من تلوث معامل الأسمدة

حمص/ بسام الحمد

تعاني بلدة قطينة من التلوث نتيجة معامل الأسمدة، وأصبحت واحدة من المناطق السورية الملوثة، إذ أدت مخلفات المعامل وانبعاثاتها من الغازات والمعادن السامة إلى أضرار كبيرة في الهواء والماء والتربة في قطينة وبحيرتها.

لم يكن أبو مرام (60 سنة) يدري أن بلدة قطينة في ريف حمص الجنوبي التي نشأ وتربى فيها، ستكون غير صالحة للعيش وستسبب له أمراضاً ومشكلات صحية، من التهاب القصاب إلى تراجع السمع، بسبب ما تفرزه “الشركة العامة للأسمدة” في البلدة من غازات ومخلفات مضرة بالصحة، وهي تتألف من ثلاثة معامل لتصنيع الأسمدة الزراعية، معمل السماد الفوسفاتي، ومعمل الأمونيا يوريا، ومعمل السماد الآزوتي.

ارتفع سعر أدوية أبو مريم بشكل كبير وسط وضع اقتصادي ومعيشي صعب في سوريا، وهي أزمة يعاني منها كثيرون من أهالي قطينة، نتيجة انبعاثات ومخالفات معامل الأسمدة، التي تغزو ماء البلدة وترابها وجوها، منذ سنوات طويلة.

استثمار روسي

عام 2018 حصلت شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية على عقد استثمار “الشركة العامة للأسمدة” الملاصقة لبلدة قطينة في ريف حمص الجنوبي، ونص الاتفاق بحسب المدير العام للمؤسسة الكيميائية أسامة أبو فخر في تصريحات لوسائل إعلام على قيام الشركة الروسية “بتطوير وصيانة وتحديث المعامل من خلال إعادة التأهيل الفني اللازم، وتخفيض تكاليف الإنتاج وزيادة الأرباح والعوائد الاقتصادية، وتوطين التكنولوجيا الحديثة لخطوط الإنتاج كلها”.

وتضمن العقد أن تكون حصة الشركة العامة للأسمدة 35 في المئة، و65 في المئة للشركة الروسية، وحددت مدته ما بين 25 إلى 40 سنة، وتجدد برضا الطرفين، شرط تقييم فترة الاستثمار الأولى وفق معايير اقتصادية، وفي حال عدم تحقيق الجدوى المنشودة ينتهي العقد بانتهاء مدة الدورة الأولى.

مأساة صحية

إن قررت زيارة بلدة قطينة، فسوف تستقبلك الروائح والغازات الكريهة والأصوات المزعجة الصادرة عن المعامل، وبأسرع وقت ستعاني من أمراض تنفسية، هذا ما يؤكده أحد أطباء البلدة الذي رفض الكشف عن اسمه، ويضيف، “الانبعاثات والروائح الناتجة عن معامل الشركة العامة للأسمدة تنتشر في البلدة، ما يسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي لدى السكان بشكل كبير”.

وكشف الطبيب أن أكثر الأمراض انتشاراً في البلدة هي أمراض الجهاز التنفسي العلوي والسفلي ثم السرطان، وبعد ذلك التشوهات الخلقية والعقم والأمراض الجلدية التحسسية، بناء على دراسة سابقة.

ويقول رامي أحد سكان البلدة: “كل يوم نرى سحباً من الملوثات الناتجة عن المعامل، وفي بعض الأيام لا نخرج من المنازل خوفاً من المشكلات التنفسية”، ويضيف: “أعاني أنا ووالدي وأمي من السعال والحساسية منذ سنوات بسبب التلوث”.

ويؤكد قصي أستاذ في إحدى مدارس البلدة أن المدارس القريبة من المعامل يعاني الكثير من طلابها من حالات ربو وأمراض تنفسية، وفي بعض الأحيان يعاد الطلاب إلى البيوت بسبب كثافة الانبعاثات في الجو.

وتقول هدى إن “الأبخرة والملوثات الناجمة عن المعامل تتساقط على الأشجار المحيطة بالمنازل، ما يؤدي إلى مشكلات صحية للأهالي”، مشيرة إلى أن أحد أفراد عائلتها توفي بسبب سرطان في الرئتين قبل سنوات.

وأكد طبيب أن أهالي البلدة يعانون من التلوث السمعي أيضاً نتيجة الأصوات الصادرة عن المعامل، موضحاً أن الكثير من سكان البلدة وبخاصة كبار السن يعانون من فقدان السمع نتيجة ذلك.

ويحمل أهالي البلدة المؤسسة العامة للصناعات الكيميائية السورية، والشركة الروسية المستثمرة ومديريتي البيئة والصحة في حمص مسؤولية هذه الأمراض، مؤكدين أن هذه الجهات لم تقم بأي شيء لحل هذه الأزمة وكل ما يحدث هو “جعجعة بلا طحين”.

وخرج أهالي قطينة في احتجاجات ضد هذا التلوث مرات عدة، وحضر العديد من المسؤولين لتهدئة سكان البلدة وسط وعود كثيرة بتغيير الوضع، لكن الأمور بقيت على حلها.