دمشق/ مرجانة إسماعيل
اتفق الأولون على أن الرصيف هو ذلك المساحة المخصصة لاستخدام المشاة، وهو تلك المساحة الآمنة والمريحة التي يمكن للجميع الوصول إليها، ويجري فصل الأرصفة عن الطريق أو الشارع ضماناً لسلامة المارة. وجرى العرف على أن الأرصفة مملوكة للبلديات، لكن غالب قوانين دول العالم تلزم مالك العقار أو المحل المقابل بصيانة الرصيف، وعلى رأس مفهوم الصيانة يأتي التأكد من خلوه من العوائق والعراقيل التي قد تمنع مرور الأفراد، أو تسبب لهم ضرراً أو خطراً.
لكن في سوريا وتحديداً في العاصمة، يرتبط الرصيف بصورة شبه شرطية بمفهوم “الغزو” ومعنى “الاحتلال”، لكنه غزو من نوع خاص واحتلال من النوع الذي بات السوريون على شبه وفاق معه، أو ربما اعتياد. كثير من دول العالم، وبخاصة الثالث، يعاني ضياع الحق في الرصيف. وعلى رغم أن المواطن هو من يغزو الرصيف ثم يحتله ومن ثم يعلنه منطقة محررة من سطوة القانون وسيادة الدولة، فإن المواطن هو نفسه أيضاً ضحية هذا الاحتلال.
هذه الآونة في دمشق يندر وجود رصيف ناج من الاحتلال، إن لكم يكن عبر “فرشة” أدوات منزلية وملبوسات وإكسسوارات رخيصة أو “نصبة” شاي وقهوة وسحلب شتاء وليمونادة صيفاً، فبطاولات ومقاعد تعلن أنها امتداداً للمقهى أو صناديق وبرادات هي امتداداً لكشك بدأ صغيراً ثم تعملق. وإن لم يكن كل ما سبق في المناطق الشعبية والأحياء التجارية، فإن أصحاب فيلات وملاك عمارات خصوصاً في التجمعات السكنية الجديدة يعدون أرصفة عقاراتهم امتداداً طبيعياً لممتلكاتهم
ومؤخراً ازدادت ظاهرة انتشار ورش تصليح السيارات على أرصفة دمشق، وباتت تسبب ضجيجاً وازدحاماً وفوضى تعيق عمل المحال الصناعية وتنقل المارة.
ويلاحظ في أحياء بمركز العاصمة انتشار كثيف لورشات تصليح السيارات على الأرصفة مترافق بضجيج المولدات الكهربائية وتصاعد الدخان وعلب الزيت وقطع الغيار المستخدمة بتصليح السيارات، مما انعكس سلباً على أصحاب المحال الصناعية بسبب فرق تسعيرة الصيانة بين المحال والأرصفة، بالإضافة إلى انزعاج سكان تلك المناطق من الأصوات العالية والأوساخ المتراكمة على الرصيف وإعاقة عبورهم.
ويرى أهالي أن وجود ورشات التصليح على أرصفة دوار الفحامة لا يليق بمظهر العاصمة، بسبب تراكم الأوساخ على الرصيف وانتشار قطع تصليح السيارات من براميل وعلب زيت ودهان وغيرها، مضيفاً إلى انها مضرة للبيئة ومزعجة للسكان.
وقال أحد أصحاب هذه الورش إن “سوق دمشق أفضل بكثير من المنطقة الصناعية في الريف، لأن الطلب داخل المدينة أكبر بكثير من الطلب في المنطقة الصناعية”، لافتاً إلى أن “أصحاب السيارات يفضلون الورش المنتشرة في العاصمة، بسبب فرق السعر بينها وبين المحل بالإضافة إلى قرب المسافة حيث توجد أعطال لا تحتاج الذهاب إلى منطقة صناعية مثل استبدال دولاب أو تغيير زيت أو تركيب بطارية أو عطل بسيط في السيارة”.
وتواجه منطقة “حوش بلاس” الصناعية في ريف دمشق، تحديات ومصاعب كبيرة مؤخراً، تسببت في إغلاق العديد من المحال في المنطقة. وتضم المنطقة الصناعية مجموعة واسعة من الورش والمصانع التي تلبي احتياجات متنوعة للسوق المحلية، مما يجعلها محوراً حيوياً للصناعات المختلفة.