حلب/ خالد الحسين
يبدأ مزارعو ريف حلب مع مطلع شهر حزيران من كل عام بزراعة محصول الذرة، الذي يُعد من المحاصيل الصيفية الأساسية والاستراتيجية في المنطقة. وتُزرع الذرة عادة في المناطق الشمالية من سوريا خلال شهري حزيران وتموز، لتُحصد في شهري أيلول وتشرين الأول، حسب الظروف المناخية ونوع البذور المزروعة. إلا أن موسم هذا العام لا يبدو مبشّراً بالنسبة للفلاحين، في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهونها، والتي قد تُهدد نجاح الموسم واستمراريته.
حيث تشهد مناطق ريف حلب هذا العام انقطاعات متكررة لمصادر الري، سواء من الآبار أو الشبكات المائية، ما وضع الفلاحين أمام واقع صعب، لا سيما أن الذرة من المحاصيل التي تحتاج إلى كميات وفيرة ومنتظمة من المياه. ويعبّر الفلاحون عن قلقهم الشديد من أن يؤدي هذا الانقطاع المتكرر إلى جفاف المحصول أو تراجعه في الجودة والإنتاجية، ما سيكبّدهم خسائر فادحة.
وفي لقاء “للسوري” مع الفلاح “عبد الكريم الأحمد” من منطقة السفيرة، أوضح حجم المعاناة التي تواجهه قائلاً: “بدأنا بزراعة الذرة على أمل أن يكون الموسم جيداً، لكننا فوجئنا بانقطاع مياه الري بشكل متكرر، خاصة في فترات حرجة من نمو النبات. الذرة تحتاج لريّ منتظم، وإذا لم يتوفّر الماء، سنفقد الموسم بالكامل. الحكومة لا تقدّم حلولاً فعلية، ونحن ننتظر وعوداً لا تنفذ، بينما نخسر أموالنا وجهدنا”.
الأزمات لم تتوقف عند نقص المياه، إذ ارتفعت أسعار البذور والأسمدة بشكل غير مسبوق هذا العام، ما جعل من زراعة الذرة عبئاً مالياً ثقيلاً على الفلاحين، الذين يجدون أنفسهم مجبرين على الاستدانة أو تقليص المساحات المزروعة.
وقال الفلاح “أبو مازن الحجي” من منطقة تل عبيد: “سعر كيس السماد تضاعف، وكذلك البذور، وكل شيء نحتاجه للزراعة أصبح مكلفاً. نزرع على أمل أن نربح، لكن الحقيقة أن الخسارة تقترب. لا يوجد دعم حقيقي من الحكومة، لا على شكل قروض، ولا بأسعار مدعومة، ولا حتى مساعدات في حال تلف المحصول. الفلاح وحده يواجه كل الأعباء”.
من جهة أخرى، شدد المهندس الزراعي في مديرية زراعة حلب، المهندس “س. خ”، على أهمية دعم موسم الذرة، مؤكداً أنه من المحاصيل الاستراتيجية التي لا يمكن إهمالها، نظراً لدوره الحيوي في تأمين الأعلاف الحيوانية والزيوت النباتية، إضافة إلى استخدامه في الصناعات الغذائية المتنوعة.
وقال المهندس: “الذرة من المحاصيل المهمة جداً في سلة الغذاء الوطنية، وتعزيز إنتاجها يساهم في تخفيض فاتورة الاستيراد، وتوفير الأعلاف لمربي المواشي، مما ينعكس على استقرار أسعار الحليب واللحوم. من الضروري أن يكون هناك تدخل حكومي حقيقي، سواء عبر توفير البذور والأسمدة بأسعار مدعومة، أو من خلال تأمين مصادر ري دائمة ومستقرة، وتقديم تعويضات في حال تعرّض المحصول للضرر”.