دمشق/ مرجانة إسماعيل
تشهد محافظة دمشق ارتفاعاً في الطلب على اللحوم المجمدة المستوردة، في ظل الفوارق الكبيرة بينها وبين أسعار اللحوم المحلية، رغم الشكوك المحيطة بجودة هذه المنتجات.
وأعرب عدد من السكان عن قلقهم من انتشار اللحوم المجمدة بشكل واسع، خصوصاً تلك التي تُباع على البسطات من دون بيانات واضحة عن المصدر أو تاريخ الصلاحية، في ظل غياب الرقابة الصحية. ولا يتجاوز سعر كيلو اللحم المجمد 65 ألف ليرة، وسودة الدجاج 25 ألفاً، في حين وصلت أسعار اللحوم الحمراء إلى 120 ألف ليرة، وسودة الدجاج المحلي إلى 50 ألفاً.
وتشهد الأسواق الشعبية في دمشق انتشاراً متزايداً للحوم المستوردة والمجمدة، التي تُعرض في الشوارع وعلى الأرصفة بطرق لا تخضع للرقابة الصحية، ما يثير المخاوف بشأن سلامتها وتأثيرها على صحة المستهلك.
بعد أن وصل سعر كيلو لحم الغنم لنحو 120 ألف ليرة سورية، وهو ما يعادل ربع وفي بعض الأحيان نصف راتب موظف حكومي، تتزايد المطالبات باستيراد اللحوم المجمدة، على أمل أن تكون أسعارها أقل عبئا على جيوب السوريين. لكن هذا الحل يبدو غير ممكن في بلد مثل سوريا، الذي يفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات العيش بسبب انقطاع الكهرباء وندرة المشتقات النفطية.
رغم أن نسبة كبيرة من العائلات السورية استغنت بشكل كامل عن اللحوم الحمراء، إلا أن البعض استبدلها باللحوم البيضاء والبعض الآخر استبدلها بأنواع أخرى من اللحوم، مثل لحم الأرانب والإبل “الجمل”، أو حتى ببعض المنتجات التي تحتوي على نسبة كبيرة من البروتين.
وبسبب اللحوم المجمدة، تمكن الفقراء وذوي الدخل المحدود الذين يشكلون النسبة الأكبر من سكان سوريا اليوم، من شراء اللحوم المجمّدة بحوالي 60 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد.
لكن هذا الحل قد يجده البعض منطقياً في حال واحد وهو عند توافر الكهرباء لساعات طويلة لحفظ اللحوم المستوردة في مستودعات التجار ولدى باعة المفرق، لكن الواقع أسوأ من ذلك بكثير فعملية الاستيراد تحتاج عملة صعبة وتحتاج مستهلكين قادرين على الدفع، وتحتاج مستهلكاً يقبل أكل لحوم مثلجة سريعة التلف وبأسعار هي أعلى بكثير مما يتحمله الراتب المتواضع الذي بالكاد يكفي لشراء بعض من الخُضر من الصّنف الثالث أو الرابع.
كما أنه في حال تم استيراد اللحوم المجمدة، وتم حفظه في البرادات الشغالة لساعات طويلة على مولدات المازوت لتوليد الكهرباء، فإن أسعار تكلفة ذلك سيزداد، نظرا لأن أسعار المحروقات في سوريا يزداد بين الحين والآخر ووفق سعر الصرف وأكثر ربما.
يبدو أن الاستيراد لأي سلعة غذائية هو تعزيز لحالة الفقر وتعميق للهوة التي تفصل بين الأجور ومتطلبات استمرار الحياة، أما الحلول المنطقية فهي بحاجة إلى خطط زراعية سواء نباتية أو حيوانية مع تأمين حوامل الطاقة المدعومة.
تالياً يمكن أن تؤمن الأعلاف للحيوانات ولطيور المداجن، وتتعزز القيمة الشرائية لليرة وتدور عجلة الإنتاج وفي كافة المجالات، وتصبح المواد الغذائية بما فيها اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض ومشتقات الألبان بمتناول أصحاب الدخل المحدود، وذلك في حالة واحدة، وهو أن يتم إعادة النظر بالرواتب الحالية التي لا تكفي لدفع أجور المواصلات مع ثمن فنجان قهوة في مكان العمل.
وينتشر الدجاج المجمّد في الأسواق السورية بكثافة، وسعر الكيلو منه في أسواق دمشق حوالي 34 ألف ليرة سورية، ويوجد إقبال طفيف عليه، نظرا لأنه أرخص من الدجاج الحي.
أسعار اللحوم بأنواعها، شهدت ارتفاعات متكررة منذ بداية العام الجاري، حتى وصل الأمر إلى استغناء الشريحة الأكبر من السوريين عن اللحوم واتجاههم لبدائل مختلفة، مثل اللجوء إلى “الفطر” كبديل للحوم نتيجة هذا الارتفاع غير المسبوق في الأسعار، كما واتجه العديد من الأهالي إلى تربية الأرانب في منازلهم، أو شرائها من مربّيها في المدن والبلدات الريفية لتكون بديلاً عن اللحوم.
العديد من الأهالي يرون أن هذه الأسعار مرتفعة مقارنة برواتبهم ومداخيلهم، حتى لو كانت معقولة مقارنة بتكاليف التشغيل والمواد الأولية، وبالتالي فإن هذه الزيادة تجعل كلٌ من اللحوم والفروج والوجبات السريعة بعيدةً عن موائدهم، كما أن الذهاب إلى المقاهي بات أمراً صعباً على جيوبهم.