لكل السوريين

مع إدبار شهر رمضان لهيب الأسعار يزداد جذوة

حلب/ خالد الحسين

يحل شهر رمضان المبارك على وقع ارتفاع أسعار المواد الأساسية والثانوية على حد سواء مع انخفاض القدرة الشرائية للمواطن، الذي يجد نفسه أمام تحقيق معادلة صعبة للموازنة بين مستوى الدخل الخجول ومتطلبات الحياة اليومية، ومهما أتقن من تدابير التحايل على الظروف يجد نفسه في دوامة البحث عن الحلول بشكل يومي.

ولا خلاف بين اثنين أن رمضان شهر يزداد فيه الإقبال على شراء السلع الغذائية، لكن في ظل الظروف المعيشية الراهنة عدّل الكثيرون عاداتهم الرمضانية وقائمة أولويات الإنفاق، بحيث لا يحرم نفسه من استقبال الشهر الفضيل لكن بشكل أقل ومختلف عما اعتاده في سابق أيامه.

ووفقاً لاستطلاع آراء المواطنين حول تغيير قراراتهم الشرائية في رمضان وتأثير الوضع الحالي في ثقافة الاستهلاك والإنفاق، أوضح أبو سعيد أن غلاء الأسعار جعل كل شخص يحاول قدر الإمكان تقليل استهلاكه، وبالتالي تغيير سياسة اعتاد عليها في التحضير واستقبال الشهر الكريم، والاتجاه للسلع الغذائية الأساسية بشكل أكبر، لكن ليس بكميات كبيرة إنما بالكيلو والنصف كيلو، وأولاً بأول.

وأكدت أم مهند أنها اختصرت الكثير من قائمة رمضان، وحذفت الكماليات على حساب الأولويات من سمنة، زيت، سكر ورز وما إلى ذلك، بالرغم من ضرورة بعض الكماليات وخصوصيتها في الشهر الفضيل، لكن ما باليد حيلة.

سياسة تقليص النفقات اتبعتها مرام مع بداية التحضير للشهر الكريم، وعلى الرغم من متطلباته الكثيرة، إلا إنها خففت نفقات أسرتها، وغيرت من بعض عاداتها، تماشياً مع الوضع وتحايلاً عليه.

واعتادت ام فراس أن تدخر من راتبها بشكل شهري، لتغطي نفقات شهر رمضان، لكن مع موجة الغلاء التي شهدناها خلال السنوات السابقة، دفعها لإلغاء فكرة الادخار، لأن الراتب على حد قولها لا يمكن الادخار منه، لأنه يتبخر مع أول أيام الشهر.

كل رمضان تعد الحاجة أم طاهر الولائم لأولادها وأحفادها، خاصة في أول أيام رمضان، لكنها اضطرت بسبب الغلاء أن تختصرها لوليمة واحدة، وتقتصر جمعات العائلة على الالتقاء بعد صلاة التراويح.

حسن مسعد عامل بأجر أسبوعي، يقول إن رمضان يشبه بقية الأيام من ناحية الإنفاق لديه، فما يقبضه من أجر ينفقه في رمضان كما كان ينفقه في الأيام العادية.

وفيما يعتبر قرص” المعروك“من أساسيات قائمة رمضان، أوضح أبو أحمد رب عائلة أنه لا يمكنه أن يبتاعه يومياً، نظراً لارتفاع سعره لاسيما المحشو التي تبدأ أسعاره ب 45 ألف، بينما السادة ل 12 ألف، وهذا الأمر فوق استطاعته المادية.

واتفق أبو رائد وزوجته على جعل عدم الهدر في الطعام قانوناً لعائلتهم في الأيام العادية، وفي رمضان خاصة، صنف من الطعام وجبة أساسية فقط، مع طبق “الشوربة” والسلطة ولا بأس بطبق مقبلات لكن ليس يومياً، حسب كلامهم.

ويحمل أبو خالد موظف، بعض التجار مسؤولية حرمان غالبية العائلات من استقبال شهر رمضان كما اعتادت عليه، بسبب مزاجيتهم في تحديد الأسعار، وغلاء سعر بعضها، مبيناً أنه في وقفة رمضان وصل سعر “الخسة” في سوق الرازي ل 6000 ليرة، هذا على مستوى” بائع بسطة “فما بالك على مستوى تاجر.

الدخل ما يعود معك إلى البيت

محمود بيطار خريج كلية اقتصاد أوضح أن الدخل ليس الذي تتقاضاه من عملك، لكنه ما يعود معك إلى البيت، والغلاء الحاصل ينهش الدخل كالوحش المفترس، ويضرب عرض الحائط جميع نظريات التوفير والاقتصاد، فنظرية افهم دخلك ونفقاتك لا تنفع ولا التسوق المنظم لأن الغلاء يقع بشكل يومي بل ساعي، من هنا بات ترشيد الإنفاق أمر مفروض ومحتوم ومحسوم من قبل ارتفاع الأسعار وليس من قبل الأفراد.

قصارى القول فرض غلاء الأسعار تغيير النمط الاستهلاكي والقرارات الشرائية للغالبية العظمى من الأسر السورية، والتخلي عن بعض العادات الشرائية التي تضفي على الشهر الفضيل نكهة خاصة، ليحل رمضان بظروف استثنائية متقشف الأجواء، إلا من رحم ربي.