لكل السوريين

أين نحن والعالم؟

حسن مصطفى

لم يعد بإمكاننا اليوم أن نعيش في هذا العصر دون أن يتوفر لدينا الحد اللازم من المعارف والعلوم، لأنه بدونها لا نستطيع استثمار أو تشغيل أية آلة أو إشادة بناء عصري أو جني محصولٍ هو جزء أساسي من أمننا الغذائي واكتفاءنا الذاتي.

فاليوم بات من العسير إلى حدٍ ما أن نحصي عدد العلوم التي أمست محط اهتمام ومتابعة وتطوير العالم بعد أن غدت تلك العلوم بالمئات نظراً للتخصصات الكثيرة التي أحدثت لمواكبة التطور الهائل والانفجاري الذي طال سائر مناحي الحياة, والكثير من تلك العلوم ليست معلومة من قبل شرائح كثيرة من أبناء المجتمع وربما ملمين بعناوينها على تعددها.

وهذا الكم الهائل من العلوم والمعارف يستوجب منا أن نتعامل معه أو العمل به من خلال التبويبات والتصنيفات التي درج العالم على اعتمادها، وذلك لتسهيل عملية البحث والاطلاع والتعلم من قبل المهتمين والباحثين والمختصين في المجالات العلمية المختلفة.

فالظواهر الطبيعية هي من صلب اهتمام وبحث العلوم الطبيعية كالفيزياء والكيمياء والجيولوجيا والبيولوجيا, وهذه العلوم هي الأساس النظري لكثير من العلوم الأخرى المرتبطة بها، وهي بمثابة قاعدة بيانات استندت عليها الكثير من فروع التكنولوجيا الحديثة صناعيةً كانت أم زراعية أم صحية.. إلخ من التقنيات المتقدمة.

ونحن اليوم في خضم هذا الكم الهائل من العلوم والتكنولوجيا، وهذا التسابق المحموم بين الدول في مضمار الصناعة والتجارة وفي نطاقات الهيمنة وتقاسم النفوذ نسأل أنفسنا اين نحن من كل ذلك؟.

أين نحن من كل ما يجري من حولنا؟، أين نحن من معادلات الصراع الدولية والإقليمية؟، أين نحن من دائرة صنع القرار العالمي؟، هل بتنا أرقاما صغيرة وهزيلة ليست ذات أهمية تذكر؟، أم أننا بتنا أصفاراً في معادلات الآخرين؟، وإن كنا أصفاراً فأين تتموضع تلك الأصفار؟.

ترى هل نحن أصفار على يسار أرقام معادلات العالم؟، أي أننا أمسينا بلا قيمة نظراً لكوننا غدونا نعيش حالة انعدام وزن, ولم نعد نشكل أية إضافة حقيقية لتلك الأرقام، وفي هذه الحالة نعتبر بحكم الميتين سريرياً بانتظار مراسم إعلان الوفاة.

أما إن كنا أصفاراً على يمين الأرقام العالمية وهذا ما نصبو إليه، فهذا يدل على أننا أصبحنا نشكل إضافات جدية وفاعلة لأن كل صفر يعني مضاعفة لتلك الأرقام، وهذا بحد ذاته يعد انتقالة نوعية هامة في حضورنا على المستوى العالمي.

ومثل هذا الحضور وهذا التحول يتطلب منا أن نعتمد على أنفسنا أولاً وعلى مواردنا الذاتية وطاقاتنا التي إن أحسنَا تفجيرها واستثمارها بالشكل الأمثل ودون إسراف أو هدر مع التركيز على استثمار الوقت بشكلٍ صحيح، سنتمكن بالتأكيد من احتلال موقعنا المناسب، الذي يؤهلنا للقيام بدورنا الذي ينبغي أن نقوم به في إطار مسؤولياتنا التاريخية والإنسانية تجاه مجتمعاتنا وجوارنا والعالم.