لكل السوريين

الحرب في السودان.. محادثات متعثرة والأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات

مع استمرار الاشتباكات الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان، بات السكان الذين لم يغادروا الخرطوم يعانون من نقص متزايد في إمدادات الغذاء والماء وانقطاعات كبيرة في التيار الكهربائي، ومن تعرضهم للقصف وإطلاق النار العشوائي الذي يهدد حياتهم.

ويقول بعضهم إنهم لم يغادروا العاصمة إما بسبب المرض أو لرعاية أقاربهم المسنين أو لعدم وجود المال اللازم للتنقل، بينما فضل آخرون البقاء في منازلهم خوفاً من تعرضها للسرقة.

ومع اشتداد حدة القتال تعرضت المستشفيات والعيادات والمختبرات في العاصمة للعديد من الهجمات.

وأشار اتحاد الصيادلة في السودان إلى أن مرفق الإمدادات الطبية المركزي بالخرطوم الذي يحتوي على أدوية مهمة لمرض السكري وضغط الدم، قد أغلق أبوابه بعد أن استولت عليه قوات الدعم السريع.

كما واجه العاملون في المجال الطبي عمليات انتقامية، وقالت نقابة الأطباء السودانية إن الجيش يقوم باعتقال المتطوعين الطبيين الذين يقومون بإجلاء المرضى من مستشفيات بالخرطوم.

ومازالت الأوضاع مرشحة للتفاقم في ظل عدم رغبة الفريقين المتنازعين بوقف القتال بينهما وحل خلافاتهما بالطرق السلمية.

إعلان جدة

وقّعت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع “إعلان جدة” للالتزام بسيادة السودان والحفاظ على وحدته.

كما اتفق الطرفان على الالتزام بحماية المدنيين وتسهيل المرور الآمن لهم لمغادرة مناطق القتال، وعدم استخدام نقاط التفتيش في انتهاك مبدأ حرية تنقلهم، وعدم القيام بأي هجوم يتسبب بأضرار مدنية، أو يلحق الضرر بالمدنيين، والامتناع عن القيام بعمليات الإخفاء القسري والاحتجاز التعسفي للمدنيين، أو اتخاذهم كدروع بشرية.

وتضمن الإعلان التزام الطرفين باحترام وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة، مثل المرافق الطبية ومنشآت المياه والكهرباء.

وقال مسؤول رفيع بوزارة الخارجية الأميركية إن الاتفاق ليس وقفاً للقتال لكنه يشكل خطوة على هذا الطريق، ويسمح بوصول المساعدات الإنسانية.

وأشار إلى أن بلاده لا تعتقد أن الطرفين جاهزان لوقف شامل لإطلاق النار.

وذكر أن بلاده تسعى لتأمين استمرار المحادثات بين الطرفين المتحاربين، وتعمل على توسعتها لتشمل القادة المدنيين، وتعمل مع حلفائها على استعادة مساهمة الحكومة المدنية بالاتفاق.

شروط متضاربة

حدد ممثلو الجيش في محادثات جدة شروطهم لتثبيت الهدنة تتضمن خروج قوات الدعم السريع من الأحياء السكنية، وإزالة نقاط الارتكاز التي نشرتها، والانسحاب من الخرطوم والمؤسسات المدنية والخدمية التي سيطرت عليها، وأبرزها مركز التحكم الرئيسي للكهرباء ومصفاة تكرير النفط في شمال الخرطوم بحري.

وشملت شروط الجيش تجميع قوات الدعم السريع بعد انسحابها في معسكر واحد يوافق الجيش على مسافته من العاصمة، إلى حين الاتفاق على خطوات دمجها في المؤسسة العسكرية.

وفي المقابل، طالب وفد قوات الدعم السريع بمراقبة دولية لعملية انسحابهم من المؤسسات والمواقع المدنية، والبقاء في المواقع العسكرية والسيادية التي يتواجدون فيها حالياً، وعلاج جرحاهم في مستشفيات محددة.

وشملت المطالب استمرار سداد استحقاقات ورواتب قوات الدعم السريع من وزارة المالية، ووقف استخدام الطيران الحربي وتحريك قوات الجيش بعد الاتفاق على تثبيت الهدنة وفرض رقابة دولية بهذا الشأن، وضمانات بخروج آمن لقياداتهم إلى الوجهة التي يحددونها.

وأشار المراقبون لمفاوضات جدة إلى أن طرفي التفاوض لا يحملون تفويضاً لتقديم أي تنازلات من أجل التوصل إلى تفاهم، وأنهم يستخدمون التفاوض مناورة لكسب الوقت في سبيل تغيير الواقع العسكري على الأرض.

سيناريوهات محتملة للصراع

مع استمرار الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، يتوقع المتابعون للشأن السوداني أن  تتصاعد المعارك في المدن الرئيسية بالسودان وتتطور إلى حرب شاملة في البلاد.

ويبدو هذا السيناريو أكثر ترجيحاً رغم ضغوطات الولايات المتحدة والسعودية وغيرهما، بما قد يؤدي إلى وقف قصير لإطلاق النار تعود بعده الاشتباكات أكثر ضراوة.

ويرى المتابعون أن السيناريو الآخر هو موافقة القوات المسلحة وقوات الدعم السريع على وقف لإطلاق النار بشكل دوري، واستمرار القتال المتقطع في المراكز الرئيسية، ويستبعدون التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار.

ويرى الخبراء أن الانقسامات داخل الجيش السوداني تشكل قيوداً على الهدنات المؤقتة ليتمكن الناس في مناطق القتال من التزود بالإمدادات الإنسانية والرعاية الطبية، حيث يدعو المتشددون في القوات المسلحة إلى تحقيق نصر كامل على قوات الدعم السريع.

ولا يستبعد الخبراء أن يلحق أحد الطرفين الهزيمة بالآخر مما يجبره على اللجوء إلى مناطق ريفية في أطراف نائية من البلاد.

ويتحدث بعضهم عن وجود فرصة ضئيلة في أن تتمكن الضغوط الدولية من وقف غير محدود لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة خلال الأيام أو الأسابيع المقبلة.