لكل السوريين

ثالث أكبر ناعورة بحماة في خطر وناشطون يطالبون بإيقافها

تقرير/ جمانة الخالد

يطالب ناشطون بإيقاف فوري لناعورة البشريات في حماة عن العمل نظراً للإضرار بها من قبل بعض الأشخاص لا سيما في السباحة، إذ تولد نتيجة ذلك شق طولي موجود بأعلى حجرية الناعورة.

أبلغ مدير آثار حماة إدارة الآثار والمتاحف بالمشكلة ووضعهم بصورة حال ما وصلت إليه الناعورة، لإعادة ترميمها أو إيقافها عن العمل فوراً ومن السباحة حولها، ويتخوف ناشطون، من خطورة الوضع الإنشائي للحجرية الذي يمكن أن يتفاقم بسبب الاهتزازات الناجمة عن الدوران.

هذا التشقق بالحجرية هو وبأغلب الظن ناتج عن آثار الهزات الارتدادية التي عانت منها منطقة حماة بالآونة الأخيرة وآخرها كان هزتان ارتداديتان في الأسبوع الماضي، والخطورة هنا سببها مكان هذا الشق الموجود عند تقاطع وتلاقي برج الناعورة مع قناطر الحجرية.

ويطالب الناشطون بإيقاف الناعورة عن العمل ريثما يتم إتخاذ الإجراءات الترميمية من قبل الجهات المسؤولة المعنية بالموضوع، الكشف على كل حجريات النواعير العاملة في حماة خوفا من وجود أضرار مماثلة لم يتم التنبه لها.

وناعورة “البشريات” ثالث أكبر ناعورة في مدينة حماة، حيث تشتهر مدينة “حماة” بنواعيرها الموجودة على نهر العاصي وتعتبر من ابرز المعالم الأثرية والسياحية في وقتنا الحالي، وقديماً ذكرت “حماة” لدى المؤرخين باسم مدينة النواعير وقد تم ابتكار هذه الآلة فيما مضى لري الأراضي والبساتين المرتفعة نظراً لانخفاض مجرى نهر “العاصي” عن الحوض الذي ينساب فيه، وتقنية عمل الناعورة لم تتغير على مر الأزمنة والعصور فمازالت تلك الآلة الدائرية المائية دائمة الحركة والتي تقوم بحمل الماء إلى مستوى أعلى من النهر دون الحاجة إلى أي جهد بشري حيث تنقل /2400/ ليتر من الماء في كل دوران لها.

وقد ذكر الرحالة المسلمون حماه ونواعيرها في رحلاتهم فالرحالة المغربي “ابن بطوطة” ذكرها في تقريره عن رحلته الكبرى الذي سماه “تحفة الأنظار في غرائب الأمصار” بقوله: “حماه هي إحدى أمهات الشام الرفيعة ومدائنها البديعة ذات الحسن الرائق والجمال الفائق، تحفها البساتين والجنات، عليها النواعير كالأفلاك الدائرات يشقها النهر العظيم المسمى العاصي”.

 

وتعد ناعورة “البشريات” ثالث أكبر ناعورة في حماه بعد ناعورة “المحمدية” و”المأمورية”، وسبب تسمية ناعورة “البشريات” بهذا الاسم هو نسبة إلى الشيخ العارف بالله “بشر الحافي” وهو من العراق ولد ومات فيها.

يدخل في تركيب النواعير أنواع عديدة من الأخشاب مثل الكينا والتوت والصنوبر والحور والجوز، فالأنواع القاسية كخشب الجوز تستخدم في قلب الناعورة و”الكفوتة” وهي عبارة قطعتين من الخشب تتربعان على الحجرية وهما مجوفتان بشكل نصف دائري يوضع فوقهما قلب الناعورة، أما “وشاحاتها” فهي من خشب الحور وهي نوعان رئيسية عددها /16/ وشاح وثانوية يختلف عددها بين ناعورة وأخرى بحسب حجمها، يأتي بعد ذلك الدوائر وهي/48/ قطعة تشكل مجتمعة دائرتين إحداهما صغيرة والأخرى كبيرة يثبت على هذه الدوائر أكليل الناعورة المتضمن الصناديق التي تحمل الماء وأخيراً هناك “الجامعات” وهي عبارة عن قطع خشب تحركها المياه فتدور الناعورة، أما المسامير المستخدمة فهي عربية مصنعة يدوياً على كور الحداد.

أدى الجفاف الذي أصاب نهر العاصي إلى تلف جزء كبير من أخشاب الناعورة وقد تطلب ذلك صيانة وترميماً لها، حيث تحتاج النواعير إلى ترميم وصيانة كل سنة تقريباً حيث يتم استبدال 70% من كتلة الخشب نتيجة الجفاف الذي أصاب نهر العاصي، والترميم الأكبر لناعورة “البشريات”.

وقد اختلف المؤرخون في تحديد من قام ببناء النواعير فذكر البعض أنها تعود إلى العهد الآرامي أي إلى الألف الأول قبل الميلاد فيما أكد آخرون أنها تعود إلى العهد الروماني.

ومن المعروف أن الآراميون هم من ابتكروا صناعة النواعير إذ لم يرد لها أي ذكر في تاريخ الرومان، والنواعير هي الشعار المميز لمدينة حماه وهي الأثر الوحيد الذي مازال ينبض بالحياة إضافة إلى أنها نتاج فريد ولن يتكرر وعندما تذكر النواعير تذكر مدينة “حماه”.