تقرير/ لطفي توفيق
أعلنت إسبانيا والنرويج وأيرلندا الاعتراف رسمياً بالدولة الفلسطينية، في خطوة دخلت حيّز التنفيذ يوم أمس، وسط ترحيب فلسطيني عارم وغضب إسرائيلي كبير.
وقال رئيس الوزراء النرويجي “إن الهدف من الاعتراف هو إقامة دولة فلسطينية متماسكة سياسياً”، وأشار إلى أن حل الدولتين من مصلحة إسرائيل.
وأكد أنه يتعين الإبقاء على البديل الوحيد الذي يوفر حلاً سياسياً للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء، ويتمثل بدولتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمن.
وقال رئيس وزراء إسبانيا “نحن شعب مسالم وهذا ما يظهره آلاف المتظاهرين في الاحتجاجات ضد مجازر غزة”، واتهم نتنياهو بمواصلة تدمير غزة وبأنه يعرض حل الدولتين للخطر.
وبدوره قال رئيس وزراء أيرلندا “إن شعب فلسطين يستحق مستقبلاً مليئاً بالأمل والسلام”، وأكد أنه “لا مستقبل للنسخة المتطرفة من الصهيونية التي تغذي عنف المستوطنين والاستيلاء على الأراضي”.
ومن جانبه، قال رئيس المجلس الأوروبي الفلسطيني للعلاقات السياسية في بروكسل ماجد الزير إن “هذا الاعتراف يعد إنجازاً للشعب الفلسطيني بصموده وإصراره على التمسك بحقوقه وعدم انكساره أمام آلة الحرب الصهيونية التي تريد تهجيره وإنهاء قضيته”.
ويرى مراقبون أن هذه الاعترافات جاءت استجابة للمظاهرات التي عمت القارة الأوروبية، ولا سيما في هذه الدول الثلاث التي لم تتوقف عن رفع الصوت عالياٌ بمواجهة كل الجرائم والإبادة الجماعية التي ترتكب بحق أهالي قطاع غزة.
وأدى هذا الحراك إلى تصدع في الموقف الأوروبي الجماعي الداعم لدولة الاحتلال بشكل انحيازي، ضمن ازدواجية المعايير الغربية في التعامل مع القضية الفلسطينية.
ويتوقعون أن تأتي اعترافات أوروبية أخرى في سياق التحولات السياسية والقانونية والإعلامية والشعبية.
ترحيب فلسطيني
رحبت فلسطين بقرار اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا رسميا بالدولة الفلسطينية، وقالت الرئاسة الفلسطينية في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية “نثمن عالياً مساهمة هذا القرار في تكريس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره على أرضه، وفي أخذ خطوات فعلية لدعم تنفيذ حل الدولتين”.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ في بيان “شكراً لدول العالم التي اعترفت وسوف تعترف بدولة فلسطين المستقلة، ونؤكد أن هذا هو السبيل للاستقرار والأمن والسلام في المنطقة”.
ومن جانبها، رحبت حركة حماس بالقرار واعتبرته “خطوة مهمة لتثبيت حقنا في أرضنا”.
ودعت الحركة “الدول للاعتراف بحقوقنا الوطنية ودعم نضال شعبنا الفلسطيني في التحرر والاستقلال وإنهاء الاحتلال”.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة حماس الدكتور باسم نعيم “إن هذا الاعتراف المتتالي من عدد من الدول الأوروبية، قد يكون بداية تحول سياسي مهم على المستوى الدولي فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والحق الفلسطيني المشروع، وفي المقدمة منه حقه في دولة مستقلة وتقرير المصير وحق العودة”.
صدمة إسرائيلية
حمّلت أوساط إسرائيلية نتنياهو المسؤولية عن اعتراف النرويج وأيرلندا وإسبانيا بدولة فلسطين، واعتبرت ذلك انتصاراً للرواية الفلسطينية وصدمة سياسية لم تشهدها تل أبيب من قبل.
وأرجع محللون إسرائيليون خطوات الدول الثلاث إلى اخفاق دبلوماسية إسرائيل المتواصل منذ معركة طوفان الأقصى في السابع من شهر تشرين الأول الماضي.
ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية أن الخارجية الإسرائيلية تفتقد لأي خطة عملية من شأنها وقف اعتراف المزيد من دول العالم بدولة فلسطين.
وحمّل محللون سياسيون حكومة نتنياهو المسؤولية الكاملة عن الخطوات التي تقوم بها دول أوروبية، واعتبروا أن الاعتراف بالدولة الفلسطينية “مجرد بداية في التوجهات العالمية”.
وفي خطوة تعكس عجز حكومة نتنياهو في مواجهة ما وصف بـ”تسونامي الاعتراف بدولة فلسطين”، سارع وزير الخارجية الإسرائيلي إلى استدعاء سفراء تل أبيب في مدريد ودبلن وأوسلو للمشاورات مع الإبقاء عليهم في إسرائيل.
وأشار المحلل السياسي الإسرائيلي بن كاسبيت إلى أنه “خلال الأشهر الثمانية التي قضاها نتنياهو في السلطة مع حكومته اليمينية، أصبح حلم الشعب الفلسطيني حقيقة، فيما العزلة الدولية لإسرائيل هي الأكبر على الإطلاق، والرأي العام الدولي هو الأكثر تعاطفا مع حماس”.