لكل السوريين

معالم دمشق التاريخية تشعُّ على جدران المتحف الوطني

في معرضه الذي يضج بثنائية الظلال والأضواء، اصطحب الفنان أنطون مزاوي ضمن معرضه “دمشق الفيحاء” الذي استضافه الرواق الرئيسي لمتحف دمشق الوطني، وذلك ضمن احتفالية (يوم المتاحف العالمي) ضيوفه في جولة شيقة على معالم دمشق الأثرية والتاريخية وحاراتها القديمة، عبر أربعٍ وعشرين لوحة فوتوغرافية وصورة ضوئيةً تشكل متعة حقيقية وإحساساً سحرياً.

التنقل بين لوحات المزاوي دفع الزائرين إلى ما يشبه جلسة من الاستغراق في التفاصيل الحميمية للأمكنة التي يعرفونها جيداً، ولولا إطار اللوحة، لشعر المرء بأنه يكاد يجلس في صحن دار دمشقي عتيق هنا، وحارة هناك، في جولة تسبر زوايا فريدة من معالم دمشق القديمة.

اتسمت لوحات المزاوي التي تستضيفها قاعة (قصر الحير الشرقي) بواقعية مذهلة، إذ حرص الفنان على إبراز بهاء التفاصيل في هذه اللوحات الفوتوغرافية، فضلاً عن الإبداع في اختيار زاوية التصوير واتساعها، ما يعكس اهتمامه بتاريخ الموضوع الذي يشتغل عليه إلى جانب حبه للتصوير ومعرفته التقنية الموسوعية.

يفصح الفنان مزاوي عن مشاعره العميقة تجاه المدينة التي يهوى: “عشقي لدمشق غير محدود، أرى فيها بعداً آخر أشعر أن لا أحد غيري يراه، وعلى هذا المنوال تعاملت مع دمشق كمدينة تعيش بداخلي تعشعش في ثنايا روحي، نعيش فيها وتعيش فينا، أنها لوحة تلهب الحب وتستحق معالمها الحضارية التجسد ككائن حي”.

وأضاف: “ينبغي أن تكون ملتحماً بحالة الحب للمدينة، فمن السهل أن ترى، ولكن الأصعب أن تصور ما تراه، والأصعب من ذلك أن توصل رؤيتك”. مبيناً أنه “خلال سني حياتي، تجولت ضمن الحارات الدمشقية وتلمست حجارتها وعايشت تراثها كقطعة من قلبي”، لافتاً إلى أن غايته الأساسية هي “توثيق ما أمكن من التراث اللامادي لدمشق، والذي يعكس بعضاً من تاريخها”.

معالم من دمشق القديمة كالجامع الأموي وقصر العظم وغيرها كانت حاضرة في معرض المزاوي، لوحات عمرها أكثر من 27 سنة تميزت ببراعة التقاط المكان والزمان في لحظة خاطفة لا تتكرر، لقطات قلما يلاحظها الناس أو يتوقفون عندها ولاسيما في تفاصيل مدينة دمشق القديمة والتي تستحق التوثيق”.

إحدى اللوحات، والتي تجسد واجهة الجامع الأموي كانت الأكثر تأثيراً عند الفنان المزاوي، إذ تطلبت تقنية عالية، ويقول: “قمت بتصويرها في ظروف صعبة، إذ تم تجديد هذه الواجهة من قبل أربعة معماريين من باب توما وذلك بعدما أتى عليها الحريق الذي طال الجامع الأموي عام 1893، والذي تسبب بضرر كبير فيها، وهذا ما ترك أثراً كبيراً في نفسي”.

ويرى المزاوي أن دمشق تستحق الكثير وتحتاج إلى إناس مخلصين لإظهار جماليتها،” للأسف لم يسلط كثيراً على كنوزها البصرية والجمالية، والأغلبية يجهل معالمها التاريخية على الرغم من أنها تفتح أبوابها للجميع”.

بقي أن نشير إلى أن أنطوان مزاوي من مواليد دمشق عام 1964، وهو عضو نقابة المحامين في سورية، باحث ومهتم بشؤون الصورة وآفاقها، ومحاضر وأستاذ زائر لمادة التصوير بأكثر من جامعة، حائز العديد من الشهادات والجوائز والميداليات محلياً وعربياً ودولياً.