لكل السوريين

مصيبة الكلاب الشاردة في بانياس وريفها بدون علاج

طرطوس/ أ ـ ن

تعيش الكلاب الشاردة عادة بالمناطق الريفية والجرود والأحراج حول مدينة بانياس، وتتغذى على القوارض والحشرات وبقايا الطعام المتناثرة حول تجمعات النفايات والقمامة المتروكة بدون ترحيل ومعالجة، والتي تتزايد وتتوسع وتنتشر في كثير من المناطق في ريف بانياس المجاور لريف القدموس في ريف طرطوس.

السيد أبو منذر من قرية البلوطية من قرى بانياس أخبرنا: أنه في مثل هذه الأيام الشتوية تنتشر بكثرة الكلاب الشاردة والضباع والثعالب والحيوانات الغريبة في ريفنا وقرانا، فالكلاب الشاردة التي ولدت بالصيف وكانت بأوكارها كبرت وصارت تدور على أكلها بكل مكان، وعلى الغالي تتحرك بشكل قطعان وليست منفردة كظاهرة غريبة لكن تعودنا عليها، وتثير المخاوف والهلع بين السكان وخاصة عند الساكنين في أطراف الضيع.

السيدة حليمة وهي ستينية ومن قرية التون الجرد في ريف بانياس، تقول نسكن في طرف القرية ونربي كلبين للحماية، وطيلة الليل لا نسمع غير العواء والنباح، وتضيف: أنه مع بداية فصل الشتاء تكون أعداد الكلاب الشاردة كثيرة، فالأجيال الجديدة يلي ولدت بالصيف كبرت وصارت جزءا من القطيع، وتتحرك معا للبحث عن الأكل، والقطيع يحميها من الوحوش الأخرى، وعلى اعتبار أنو طبيعة الشتاء لا تقدم خيارات الطعام الموجودة بالصيف، ولهذه الاسباب تدخل قطعان الكلاب تدريجيا على المدن والأحياء لتبحث عن الطعام، ومن حسن حظهم يجدون كل الاحياء بالمدن مظلمة وباردة، ولا احد يسير بالشوارع.

السيدة ام رياض وهي خمسينية وتسكن في طرف المدينة بالجويبات قريبة من بيوت الريف تقول: من الطبيعي جدا أن تسير الكلاب والوحوش بالشوارع بحثا عن الطعام، فالمدينة تغرق بالظلام ما يقارب 15 ساعة باليوم بفضل التقنين المرتب والأعطال، ولا توجد إنارات بديلة، ولاحراس ليل، فإنارة الطرق والشوارع والحارات أما غير موجودة بأغلب الأحياء قصدا وعمدا، أو موجودة لكن لا تعمل بالأحياء لأنها ليست مدعومة، فالأحياء غير منارة هي ببساطة أحياء الزنوج.

وتضيف جارتها بالحي المتطرف السيدة بديعة قائلة: أغلب الأوقات لا توجد سيارات بالشوارع، أو حركة البعض محدودة، بالكل يرتب اموره على كمية البنزين، فمن جاءته رسالة البنزين أما يمشي بما يناسب، أو باع البنزين واشترى بثمنهم أكل لكم يوم لعائلته، فالفقر ضاب أطنابه.

السيد الأشقر وهو ثلاثيي ومن رجالات المدينة الأشداء، ويسكن في فيلا منعزلة وعنده أربعة كلاب للحراسة أوضح قائلا: إن الظلام المخيم على المدينة بشوارعها ومنازلها، والبرد الشديد، وقلة حركة البشر بالشتاء، وأكوام القمامة المترامية الأطراف بدون أي ضابط أو ضمير أو رقيب، تخلق بيئة مثالية للكلاب الشاردة حتى تأخذ مجدها بحركتها، ولا تخاف من أي شيئ، ويمكنها مهاجمة أي انسان تصدفه، وهناك العديد ممن تعرضوا  لعض الكلاب الشاردة وأصيبوا بداء الكلب ومنهم لم يتماثل للشفاء ومات، نساء وشباب ورجال، والذين كانوا حظهم سيئ وتعرضوا هكذا مخاطر، لكن تبقى الحكومات المحلية هي من يتحمل مسؤولية انتشار الكلاب الشاردة بدون خطوات فعلية للحل.

السيد مظهر، وهو ضابط متقاعد من سكان إحدى القرى بريف القدموس أجابنا على أسئلتنا بطريقة ساخرة وقال: لسوء حظ الكلاب الشاردة أنو الأغلبية الساحقة من سكان القرى صاروا مفقرين وما معهن يأكلوا، وبالويل يدبرون وجبة متقشفة باليوم، ونادر جدا أن يزيد عندهم فضلات، وبعض الكلاب المعترين سيجدون أكوام كبيرة وتلال من النفايات التي نسيت البلدية بأنه لازم ترحلها من باب اللامبالاة بالمسؤوليات وغياب المحاسبة، بس مستحيل تلاقي الكلاب فيها بقايا لحم أو عظم أو أي شي يؤكل، لأن الناس زيادة على فقرها صارت عم تعمل إعادة تدوير للنفايات قبل إتلافها، وخاصة الغذائية، وأضاف السيد مظهر: أما المحظوظ من الكلاب فهو الذي يستطيع أن يصل إلى حاويات القمامة في المناطق وأحياء الذوات والأثرياء أو مطاعمهم الفاخرة قبل ما تترحل، لأن القمامة في هذه المناطق تترحل أول بأول طبعا، رغم غناها ببقايا الأطعمة، إضافة إلى ذلك، ففي الغالب يكون فيها إنارة والحركة مستمرة، وهذا يعني من الصعب أن تصل قطعان الكلاب الشاردة إليها، أما الكلاب سيئة الحظ فستلتقي بطلاب المدارس كل يوم الصبح من قبل ما يطلع الضوء، لأن طلابنا يذهبون إلى مدرستهم الساعة 6 الصبح والشمس بتطلع الساعة ٨، حيث يضطر معظم الأهالي الى توصيل أبنائهم، أما الموظفين والعمال الذي يعودون إلى بيوتهم بعد أن تغيب الشمس وتظلم الدنيا، فتفاجئ الكلاب الشاردة بهم بالشوارع ما يضطر الكلاب الى الهروب.

السيدة أنيسة وهي من قرية نبع حسان بريف بانياس قالت لنا: البلدية حاولت منذ فترة معالجة ظاهرة الكلاب الشاردة، بأن وضعت سم مع بعض العظام أو رؤوس الدجاج بمحيط بعض الحاويات، بعد شكاوى الناس وخاصة خوفها على أولادها، لكنها توقفت الآن، لأن على ما يبدو أن المحافظة لم تعد تعطي البلديات مخصصاتها من السموم أو من العظام أو أرجل ورؤوس الدجاج التي من المفترض أن توضع السموم فيها، أو على ما يبدو لم تعد تعطيها التعليمات اللازمة لتشتغل شغلها، أو من الممكن أن يتم الاستفادة الإيجابية من رؤوس الدجاج والعظام بسبب الفقر والجوع، غير أسباب وعوامل الفساد طبعا، ويتم الاكتفاء برمي السم فقط، إذا تم توفيره، فالكلاب الشاردة شريكتنا بالفقر والجوع، وبالشوارع والمزابل، ولذلك تنتقم منا.