لكل السوريين

تركيا كانت وستستمر لتكون الملاذ الآمن لأثرياء داعش

 

في الوقت الذي تروّج فيه وسائل إعلام تركية عن كون أنقرة لاعبا فاعلا في الحرب على داعش، تكشف التقارير أن الأتراك يوظفون داعش في خدمة أجنداتهم في المنطقة سواء في سوريا أو ليبيا، وأنهم يرعون التنظيم ليحققوا من خلاله مطالبهم في الحوار مع الولايات المتحدة وروسيا، ويبتزون بواسطته دولا أوروبية مختلفة.

مرة أخرى يسعى الرئيس التركي رجب الطيب إردوغان لتمثيل دور محارب الإرهاب على حساب أرواح الشعب السوري؛ من خلال طرح مؤامراته بعد أن خسر تنظيمه الإرهابي لم يعد بيده سوى ورقة المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب مرتزقته ليهدد العالم بهم.

وكما وضّح التصنيف الأميركي الجديد الصورة الرمادية في العلاقة بين تركيا وداعش، وظهرت تساؤلات كثيرة منذ تدفق المئات من المسلحين الأجانب إلى سوريا؛ وقبلها إلى العراق، بشأن دور تركيا في فتح الأبواب لهذه المجموعات، ومعرفتها بطرق التسليح والتمويل والجهات الخارجية التي تسهل تسفير هؤلاء المقاتلين ولحساب من يعملون.

وعادت المئات من المسائلات بقوة بعد مقتل زعيم داعش في أراض سورية “إدلب” الواقعة تحت المراقبة التركية ونفوذ مجموعاتها المسلحة الإرهابية المحسوبة عليها، وهو ما أعطى انطباعا بأن أنقرة تدير لعبة التوازن داخل تلك المجموعات لحسابها الخاص.

ومنذ أسابيع قليلة، كشف تحقيق استقصائي أميركي أجراه موقع إنفستيغاتيف جورنال حول ضلوع تركيا في إنشاء وتمويل خلايا لتنظيم القاعدة وداعش من خلال الدعم العسكري واللوجستي للمرتزقة.

واشتمل التحقيق على شهادة قائد الشرطة التركية السابق أحمد يايلا، الذي استقال احتجاجا على تمويل إدارة أردوغان لعشرات الآلاف من مقاتلي داعش، وتهريبهم إلى داخل سوريا عبر البوابات التركية، إضافة إلى شراء النفط من التنظيمات الإرهابية، بما بلغت قيمته مئات الملايين من الدولارات.

وقال يايلا الذي عمل لمدة عشرين عاما في مكتب مكافحة الإرهاب في الداخلية التركية، إن الرئيس التركي كان “يطمح في 2010 لتأسيس دولة إسلامية كبرى، وأنه وجد هدفه على وشك أن يتحقق عندما عمت الاضطرابات سوريا”.

وأضاف “أردوغان كان يرى أن دعمه للجماعات المتطرفة سيقود في النهاية إلى سيطرته على سوريا، قبل نزول قوات سوريا الديمقراطية على خط الصراع الذي دمر كل المخططات الاردوغانية، وهذا ما دفعه للانتقام ممن حطم أحلامه في سوريا”.

وأشار يايلا إلى أنه شهد حماية المخابرات التركية لمقاتلي داعش الذين منحتهم حرية المرور من تركيا وإليها، وقدمت لهم العلاج الطبي في مستشفياتها، وأكد أن الحكومة نقلت إمدادات عسكرية إلى التنظيم الإرهابي عبر وكالة مساعدات إنسانية تابعة لها.

وكشفت تحقيقات مختلفة أن أنقرة استخدمت المنظمات غير الحكومية وحملات الإغاثة الإنسانية لنقل الأسلحة وكل ما يحتاجه التنظيم من أدوية وغذاء ومعدات تحت إشراف الاستخبارات التركية وذلك بناء على اتفاقيات مسبقة بين الجانبين.

أما اليوم فقد أصبحت عملية دعم الإرهاب التركية على العلن أمام جميع العالم والاتحاد الأوربي، فمن خلال التحقيقات والصور التي بثها المرتزقة المدعومة تركياً، اتضح أن عددا كبيرا من قياديي داعش السابقين في سوريا والعراق هم اليوم قادة ضمن المرتزقة الذين يسمون انفسهم “أحرار الشرقية والحمزات”.

تركيا تسعى لزراعة الإرهاب من جديد في سوريا

قال مكتب المفتش العام في وزارة الدفاع الأمريكية في تقرير أصدره قبل نحو عشرة أيام إن تنظيم داعش الإرهابي استغل التوغل التركي والخفض اللاحق للقوات الأمريكية لإعادة بناء قدراته وموارده داخل سوريا وتعزيز قدرته على التخطيط لهجمات في الخارج.

وأفاد التقرير الأمريكي مستنداً إلى معلومات وفّرتها وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية، أنه من المرجح أن يكون لدى التنظيم الوقت والحيّز الكافي لاستهداف الغرب وتقديم الدعم لفروعه وشبكاته العالمية.

كما رجّح أن يسعى التنظيم “الإرهابي” على المدى البعيد إلى استعادة السيطرة ربما على بعض المراكز السكانية السورية وتوسيع وجوده العالمي، ونُقل عن وكالة استخبارات الدفاع قولها، إن مقتل زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي” خلال غارة أمريكية في سوريا قد يكون له تأثير ضئيل على قدرة التنظيم في إعادة تكوين نفسه.

ومن جهة اخرى أكد الزعيم الجديد لتنظيم داعش “عبد الله قرداش الملقب بأبو عمر التركماني” أن التنظيم سيكون أكثر حذرا هذه المرة خلال التحركات المقبلة، وكما عرف عن الزعيم الجديد لداعش إنه الأكثر عنفا من سلفه البغدادي؛ باعتبار أنه كان يلقب باسم المدمر داخل التنظيم.

أثرياء ورجال أعمال “داعش” في تركيا

وفي نفس السياق، نشرت صحيفة التلغراف البريطانية، تقريراً الأربعاء، أشار إلى أن قادة “داعش” الأثرياء المتواجدين في تركيا، يخططون لعودة تنظيم “داعش” إلى سابق عهده.

وكتبت تحت عنوان “جهاديون أثرياء يُخططون لعودة داعش”، أن قادة التنظيم “الإرهابي” يملكون في حوزتهم مبالغ طائلة وموجودين في تركيا يخططون لعودة التنظيم.

وأضافت أن اللواء الركن سعد العلاق، رئيس الاستخبارات العسكرية العراقية، قال إن بلاده أعطت أنقرة ملفات تتعلّق بتسعة من قادة “داعش”، من بينهم كبار ممولي التنظيم حيث يمتلكون أموالاً طائلة ويشكلون خلايا في تركيا.

كما أكدت على لسان المسؤول العراقي أن “سجناء التنظيم يخططون لعمليات هروب من سجون ومخيمات في مناطق مختلفة من سوريا والعراق”، وتسعى تركيا من خلال عدوانها على شمال وشرق سوريا لتخفيف الضغط عن السجون حتى يتمكن المرتزقة من الفرار إلى مناطق يقومون فيها بإعادة بسط سيطرتهم عليها.

وفي سياق متصل، وفي ظل تهديدات الرئيس التركي بترحيل عناصر التنظيم المتطرف إلى أوروبا، أعلنت النيابة العامة الهولندية عن توقيفها “إرهابيتين” من مواطنيها، تنتميان لتنظيم “داعش”، بعد ترحيلهما من تركيا الثلاثاء، وكانت وزارة الداخلية التركية أعلنت مؤخراً عن ترحيل “إرهابيتين” تحملان الجنسية الهولندية إلى بلدهما.

وكشفَت قائمة سوداء أميركية جديدة عن أن تركيا لا تزال الملعب المفضّل لتنظيم داعش، حيث نجح في تحويلها إلى ملاذ آمن لشبكات التمويل التي يعتمد عليها في تمويل أنشطته، وهو ما يتناقض تماما مع مساعي حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تحاول جاهدة إظهار أنها منخرطة في الحرب على الإرهاب، وأنه كان لها دور في الكشف عن تحركات زعيم داعش السابق أبوبكر البغدادي قبل أن تقتله الولايات المتحدة الشهر الماضي.

علاقات تجارية وعقوبات اقتصادية بين أميركا وتركيا

بعد إعلان الرئيس الأمريكي على هامش الاجتماع بين أنقرة واشنطن، أنه سيتم مناقشة النظام الصاروخي الروسي إس- 400 الذي اشترته تركيا وبرنامج المقاتلات الأمريكية إف- 35، الذي تم تعليقه مع أنقرة، واصفا العلاقات بين ترامب وأردوغان بعلاقة الصديقين الحميمين وأن كل منهم سيتفهم الآخر.

ومن ثم لتقوم الولايات المتحدة بفرض عقوبات جديدة أعلن عنها الأسبوع الماضي التي تضمنت، عقوبات على 5 كيانات و4 شخصيات، أغلبها متمركزة في تركيا، بحجة دعمها وتمويل تنظيم داعش الإرهابي.

وذكرت الخزانة الأميركية في بيان أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الوزارة فرض عقوبات على تلك الكيانات لتقديمها “دعما ماليا ولوجيستيا حيويا” لتنظيم داعش المصنف الأول إرهابيا على المستوى الدولي.

وتشمل هذه القائمة 3 كيانات وشخصيتين تتمركز في تركيا، وكيانا وشخصية في أفغانستان، وشخصية في الكويت، وكيانا واحدا متمركزا في سوريا.

وقال وزير الخزانة ستيفن منوشين “في أعقاب عملية اغتيال البغدادي الناجحة، فإن إدارة ترامب مصممة على تدمير ما تبقى من خلايا شبكة داعش الإرهابية”.

وأضاف “تساهم وزارة الخزانة في هذا الجهد بعدة طرق، بما في ذلك إضعاف قدرة داعش على تجنيد وتسليح المقاتلين في جميع أنحاء العالم من خلال القضاء على موارده المالية”.

تقرير/ فهد الخلف