لكل السوريين

الاستغلال الجنسي للأطفال بين كتمان الأهل وأثره على الضحية

حمص/ بسام الحمد

تضاعف معدلات الاستغلال الجنسي للأطفال في حمص وحماة وسط سوريا، ثلاث مرات تقريباً في السنوات الخمس الأخيرة، وهي ليست إحصائية رسمية، الأمر الذي يفرض على المجتمع الوقوف يداً واحدة لمواجهة هذا الخطر الذي يهدّد الأمان الأسري.

كان تناول قصص تعرّض الأطفال لاستغلال جنسي خجولاً لاعتبارات اجتماعية عديدة، لكن مع طغيان وسائل التواصل الاجتماعي بات كتم سرّ هذه الحوادث المؤسفة أمراً غير ممكن، واللافت في هذا الخصوص أن الجهات المختصة صارت تسلّط الضوء عليها في محاولة منها للتوعية وحضّ الأهالي على تقديم ادّعاءات في حال تعرّض أحد الأبناء لحادثة استغلال جنسي بشتى أنواعه.

تنظر المجتمعات الشرقية عموماً للمعتدى عليه “محل شبهة” ويتناسون الجاني والظروف التي شجّعته أو دفعته لارتكاب الجريمة، حيث نرى أهالي المعتدى عليهم يسارعون للاطمئنان على سلامة الضحية وتحديداً إن كانت “فتاة” للتأكد من أنها ما زالت “عذراء” ليتجنبوا الفضيحة ويهرعوا إلى طيّ تلك الصفحة وكأنها ضرب من الماضي، متناسين الأذى النفسي الذي وقع للضحية سواء أكانت فتاة أم صبياً.

وقد تبقى آثار التحطيم الذي يحصل لنفسية الطفل مدى الحياة، حيث يبقى خائفاً قلقاً متوقعاً للهجوم الجديد، ما يؤدي إلى الانسحاب الاجتماعي، إضافة إلى مشكلات كثيرة جداً على مستوى الأهل ومستوى الوصمة النفسية لهذا الطفل الذي يتمنى أن يمحوها لكنه لا يستطيع.

إذ طالما بقيت العادات والتقاليد سيّدة الموقف في مجتمعاتنا الشرقية فحكماً لن يتجرأ الأهل على عرض حوادث تعرّض أطفالهم للتحرش، رغم أن منصات التواصل تكاد لا تخلو بين الفينة والأخرى من هكذا قصص.

والجريمة من الناحية القانونية، فقد نظر لها القانون السوري نظر إلى الاعتداء على الأطفال بأنه أي شكل من أشكال العنف كافةً وخاصةً الإساءة البدنية أو المعنوية أو الجنسية أو الأخلاقية، وغير ذلك من أشكال الإساءة في المعاملة والاستغلال الاقتصادي، أو في أداء أي عمل يمكن أن يكون خطيراً أو يكون ضاراً بصحة الطفل وإهماله وتشريده وكافة الممارسات الخطرة.

ونصّ القانون على عقوبات مشدّدة بحق كل من ارتكب جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال بأي صورة كانت، سواء قولاً “توجيه عبارات منافية للحياء” أو فعلاً “ملامسة” أو أي فعل يلحق بالطفل عاراً أو يؤذيه في عفته وكرامته.

ثم أن القضاء السوري يتعامل مع قضايا الاعتداء على الأطفال بالسوية والآلية نفسها، ويبني أحكامه بناءً على مواد قانونية صريحة وواضحة ومنصفة بدءاً من الشكوى، فتنظيم الضبط فالنيابة العامة فالتحقيق، وصولاً للإحالة إلى المحكمة المختصة.

 

وشدّد القانون على جرائم الاعتداء على الأطفال أكثر من الجرائم الواقعة على البالغين وذلك في الأخذ بالحدّ الأعلى للعقوبة، وأن هناك بعض القضايا يؤخذ فيها بالأسباب المخففة مثال إسقاط الحق الشخصي، أو في بعض الحالات المرضية العقلية التي تثبت من خلال الخبرة الطبية أن الجاني لم يكن بقواه العقلية حين ارتكاب جرم الاعتداء على الطفل.

لذا، على المؤسسات التربوية ووسائل الإعلام والمنظمات ضرورة القيام بدورها عبر التثقيف على كافة المستويات العمرية وليس فقط للأطفال وخاصة نشر الثقافة الجنسية الصحيحة وإزالة الأوهام بأن الحديث عن الجنس أمام الأطفال معيب ويخدش الحياء.

بل يجب توعية أطفالهم عبر غرس الصراحة المطلقة وكسر الحواجز بينهم، كي يعتاد الطفل على مصارحة أهله بكلّ صغيرة وكبيرة عن حياته الشخصية، ولكي يعرّف الأهل أبناءهم كيفية التعامل مع مثل هكذا مواقف وشرح معنى الاعتداء وما هي آثاره مستقبلاً، مع التشديد على عدم التكتّم على موضوع الاعتداء خشية العار والفضيحة، وفق ما يعتقد الأهل.