لكل السوريين

عمالة الأطفال آفة واستعباد للبشر… وحماة الأولى على مستوى سوريا

جمانة خالد / حماة 

يعتبر عمل الأطفال مشهداً ملازماً للحروب التي تشهدها الدول، مثل سوريا والعراق واليمن، وتزداد عمالة الأطفال بشكل كبير نتيجة تردي الأوضاع المعيشية لشعوب بلدان الحرب، وعلى مدى عشر سنوات من الحرب السوري توجه حوالي نصف الأطفال للعمل وترك الدراسة.

بحسب تقرير صادر عن “يونيسف”، فإن حوالي مليونين ونصف المليون طفل سوري متسربون من المدارس، و750 ألف طفل سوري في الدول المجاورة لا يذهبون إلى المدارس، وسط غياب إحصائيات واضحة عمّن توجه منهم إلى سوق العمل.

وتعرف الأمم المتحدة عمالة الأطفال بأنها أعمال تضع عبئًا ثقيلًا على الأطفال وتعرض حياتهم للخطر، وتعتبر عمالة الأطفال انتهاكًا للقانون الدولي والتشريعات الوطنية، فهي إما تحرم الأطفال من التعليم وإما تتطلب منهم تحمل العبء المزدوج المتمثل في الدراسة والعمل.

يعمل خالد صوراني وهو طفل في الحادية عشر من العمر، ويقطن بحي الأربعين في الجزء الشمالي من مدينة حماة، ويقول خالد أنه يعمل في ورشة مكانيك سيارات، ويسعى لتأمين مصاريف عائلته بعد أن توفي والده جراء الحرب التي لا زالت تدور رحاها في البلاد.

ولا يرى الشاب ضيراً في عمله نتيجة فعل الظروف التي أجبرته على العمل وترك المدرسة، وخالد ليس إلا مثالاً استعنّا به، وواحد من أطفال عبثت بهم الحرب السورية، غير أن هناك الكثير من السوريين أُجبر على دفع ابنه لترك المدرسة بسبب الأعباء المادية الثقيلة التي تتطلبها الدراسة، ودون أي وعي من أهالي الأطفال بمخاطر ترك الأطفال للدراسة، ومن المفترض أن يكمل الأطفال تعليمهم.

ولأطفال الريف الحموي بشكل عام النصيب الأكبر من العمالة وترك المدارس، نتيجة صعوبة المعيشة وانتقال أهالي الريف للمدينة وما يترتب على ذلك من ارتفاع المصاريف، فضلاً عن تدمير المدارس في الريف واتخاذ المدارس كنقاط عسكرية ثابتة.

ويصف البعض عمالة الأطفال بوصمة العار بحق الإنسانية، وآخرون يرونها إحدى أساليب الاتجار بالبشر واستعبادهم، ويرى هؤلاء الحل بإعادة الأطفال لمدارسهم وتوفير الحياة الكريمة، لمعالجة الانحراف الذي قد يسلكه الطفل، وإعطاء الأطفال الثقة والفرصة لبناء الوطن.

يقول أحد الآباء ممن يدافعون عن عمالة الأطفال، أنه دفع ابنه لترك المدرسة، ويؤمن على طفله لدى صاحب العمل أكثر من المدرسة، “ففي العمل الطفل طوال الوقت تحت نظر صاحب العمل أما في المدرسة لا أعلم هل يكمل دوامه أم لا” قال الرجل.

وأضاف أنه ليس نادماً على ذلك، بسبب عدم قدرته على مجاراة الظروف المعيشية، حيث يعمل الرجل كموظف في دائرة نفوس حماة، وراتب الموظف السوري لا يكفيه آجارات سرافيس، حيث يبلغ بسقفه الأعلى 100ألف ليرة سورية، أي ما يعادل أقل من 30دولاراً أمريكي.

وقد صادقت الحكومة السورية على اتفاقية حقوق الطفل بتاريخ 13 حزيران/يونيو 1993 بموجب القانون رقم (8)، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ بتاريخ 14 آب/أغسطس 1993، إلا أنَّ سوريا تحفظت على المواد (20 و21) المتعلقتان بالتبني وكذلك على المادة رقم (14) المتعلقة بحق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين.

كما صادقت على البروتوكولين الاختياريين الملحقين باتفاقية حقوق الطفل والمتعلقين ببيع الأطفال وتوريطهم بأعمال الدعارة والإباحة وإشراكهم في النزاعات المسلحة، وذلك بموجب المرسوم رقم (379) بتاريخ 26 تشرين الأول/أكتوبر 2002

وبحسب ّقانون “العمل الجديد” رقم 17 الصادر [2] عام 2010، نصّ على المواد التي تنظم وتحدد عمل الأطفال الأحداث، ولكن العقوبات التي تم وضعها لمتجاوزي القانون لا تعتبر رادعة، وتجد الإشارة إلى أن القانون السوري يحددّ سن الرشد بـ 18 عاماً وأن اتفاقية حقوق الطفل تنص على عدم عمالة الأطفال دون سن الرشد.

وبالتالي فإن قانون “العمل الجديد” الذي نصت بعض مواده على السماح بتشغيل الأطفال الأحداث بعمر 15 عاماً هو انتهاك للاتفاقية التي صادقت عليها سوريا، وبما أن مصادقة دولة على أي اتفاقية يجعلها ملزمة لها فإنه من الواجب تعديل القوانين التي تتعارض مع نص الاتفاقية.