لكل السوريين

احتمال عودة علاقات النظام التركي مع دمشق.. إشارات واضحة وأفق غامض

أثارت التصريحات التي أدلى بها رئيس النظام التركي بعد لقائه الرئيس الروسي، الكثير من التساؤلات حول سعي تركيا لتطوير ما للعلاقة بين أنقرة ودمشق.

ورغم أن الملف السوري كان في مقدمة الملفات المطروحة بين أردوغان وبوتين في سوتشي، إلا أن تصريحاتهما لم تكن واضحة  لدرجة تؤسس لمعرفة ما يمكن أن يكون عليه هذا الملف في المستقبل المنظور.

ونقلت صحيفة تركية مقربة من دوائر السلطة عن مصادر مطلعة أن الرئيس الروسي دعا لاجتماع لإجراء مناقشات بين الجانبين التركي والسوري.

إلّا أن المصادر أكدت أن “الوقت مبكر لعقد هذا الاجتماع”، لكنها لم تستبعد أن تتم محادثات هاتفية بين أردوغان والأسد.

وقال أردوغان إنه اتفق مع بوتين على “التضامن والتنسيق بين بلديهما خلال التحرك ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا”.

وهو ما اعتبره مراقبون تراجعاً عن العملية العسكرية التي طالما لوّح بها رئيس النظام التركي، بعدما واجه رفضاً إيرانياً وروسياً لها خلال قمة طهران الثلاثية، والقمة الثنائية في سوتشي.

قمة طهران:

وقبل ذلك أشارت مخرجات قمة طهران إلى استمرار المواقف السابقة لدولها، حيث أعادت أنقرة تأكيد “حقها في مكافحة الإرهاب” وأن العملية العسكرية في الشمال السوري ما زالت على أجندتها، وقال أردوغان “سنواصل قريبا قتالنا ضد المنظمات الإرهابية”.

وكررت موسكو وطهران الدعوة لطمأنة هواجس تركيا الأمنية، ولكن في “إطار سياسي” فقد أكد بوتين على “ضرورة عودة جميع المناطق إلى سيادة سوريا”، وحذر رئيسي من “وجود خطوات تتضارب مع السيادة السورية”.

وقال المرشد الأعلى للثورة الإسلامية خامنئي إن العملية التركية “ستضر بتركيا وسوريا والمنطقة”، وهو ما اعتبره بعض المراقبين تحذيراً مبطناً من طهران لأنقرة.

ولم تصدر عن القمة موافقة علنية من موسكو وطهران على العملية العسكرية التركية، ولم تعرب أنقرة عن احتمال التراجع عن خطتها.

وأكدت الإشارات التي صدرت عن القمة اهتمام دولها بما يجمعها من مصالح، وما تتعرض له من تهديدات مشتركة، أكثر من اهتمامها بالملف السوري.

لهجة جديدة:

اللافت أن الحديث الذي أدلى به أردوغان خلال عودته من سوتشي يتناغم مع حديث بات يتكرر على نحو غير مسبوق من قبل المسؤولين الأتراك، حيث اتجهوا خلال الأشهر الأخيرة إلى إعادة تقييم علاقة بلادهم مع النظام السوري باستخدام “لهجة” يراها مراقبون جديدة.

وعلى مدى الأشهر الماضية كانت وسائل الإعلام المقربة من الحكومة التركية قد تطرقت إلى  احتمال عودة العلاقات معه، على غرار ما حصل بين أنقرة ومصر والإمارات.

وفي شهر نيسان الماضي تحدثت صحيفة “حرييت” عن مناقشات حكومية تجري للشروع في حوار مع الحكومة السورية بشأن “موضوعات مهمة”.

واعتبر مراقبون للشأن التركي أن الدافع الأساسي في إطلاق تركيا مثل هذه التصريحات هي الانتخابات الرئاسية التي ستجري في العام القادم، ورغبتها في إغلاق ملفات الإرهاب واللاجئين قبل نهاية العام الجاري، لتعزيز فرص أردوغان بالفوز بفترة رئاسية جديدة.

أوغلو يكشف المستور:

قال وزير خارجية النظام التركي خلال مؤتمر صحفي عقده في ختام اجتماعات مؤتمر السفراء الأتراك في أنقرة، إن بلاده بدأت عملية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل ومصر، وأكد أن ذلك لا يعني تخلي أنقرة عن مبادئها، فيما يبدو أنها رسالة لطمأنة المعارضة السورية الموالية لها.

وكشف أنه أجرى محادثة قصيرة مع وزير الخارجية السوري على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز الذي عقد في تشرين الأول الماضي بالعاصمة الصربية بلغراد.

وأكد أن روسيا تريد من تركيا أن تجري اتصالات مع النظام السوري، وأنها اقترحت عقد لقاء بين الرئيسين التركي والسوري، ولكنه لم يكشف عن رد بلاده على هذا المقترح.

وشدد أوغلو على ضرورة تحقيق مصالحة بين المعارضة والنظام في سوريا “بطريقة ما”، وأشار إلى أنه لن يكون سلام دائم دون تحقيق ذلك.

وقال “يجب أن تكون هناك إرادة قوية لمنع انقسام سوريا، والإرادة التي يمكنها السيطرة على كل أراضي البلاد لا تقوم إلا من خلال وحدة الصف”.

تعقيب على الاحتجاج:

بعد خروج مظاهرات حاشدة  في الشمال السوري احتجاجاً على تصريحات وزير خارجية النظام التركي، أصدرت أنقرة بيانا توضيحيا بشأن سياستها في سوريا.

وقال المتحدث باسم وزارة خارجيها في رد مكتوب نشرته وكالة الأناضول للأنباء، إن أنقرة ستواصل تقديم مساهمة قوية في الجهود الرامية لإيجاد حل دائم للنزاع في سوريا بما يتماشى مع تطلعات الشعب السوري عبر التعاون مع كافة الشركاء في المجتمع الدولي.

وقال المتحدث إن بلاده “تواصل إسهامها الفاعل في تهيئة الأجواء المناسبة في الجهود الرامية لإيجاد حل للنزاع وفق خارطة الطريق المحددة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254”.