لكل السوريين

جني الملوخية.. مهنة قديمة تواظب عليها نساء دير الزور لمجابهة المعيشة

بعناية وإتقان، ترافقها سرعة كبيرة، تبدأ خديجة قدري يومها بتقطيف أوراق الملوخية الخضراء، بالتعاون مع أختها وجارتها، محاولة استثمار الموسم السنوي لكسب بعض المال، وإنفاقه على عائلتها الصغيرة المكوّنة من زوج وطفلين.

قالت خديجة، إنها بدأت العمل في تقطيف الملوخية منذ أعوام عديدة بريف دير الزور، واختارت هذا العمل بعد أن عجز زوجها عن إيجاد فرصة عمل، وسط ظروف الفقر والغلاء.

وحول آلية عملها قالت خديجة، “زوجي يتسوّق لنا الملوخية كل صباح، بينما نتعاون أنا وأختي وجارتي بتقطيفها وتجفيفها وتعبئتها في أكياس بلاستيك، ثم بيعها للتجار وأصحاب المحال التجارية”.

ويعتمد المبلغ اليومي الذي يحصلون عليه على مدى سرعتهم بالعمل، ومهارة شراء أنواع الملوخية الجيدة، وتنظيفها من الأعواد وما علق بها من شوائب.

ورغم رواج المنتجات في الأسواق، فإن عمل تلك النسوة يخضع لعدد من التحديات، وذلك لقلة كمية الإنتاج مقارنة بمنافسة المعامل والمراكز الكبيرة، ما يعني أسعارًا مرتفعة وأرباحًا قليلة.

وتشكّل صناعة المؤونة فرصة عمل لنساء معيلات في دير الزور، يسعين لتحضير كميات من المواد الغذائية المحفوظة (المونة)، لبيعها بهدف تأمين دخل موسمي يساعدهن في تلبية احتياجات عائلاتهن مع قدوم فصل الشتاء الذي بات يشكّل هاجسًا لمعظم المقيمين في المنطقة.

“أفضل من الحاجة”

رغم التعب والإرهاق المصاحب للعمل، وقلة المردود، فهو يبقى “أفضل من الحاجة والسؤال”، على حد تعبير أم سالم، التي بدأت مشروعها بتقطيف الملوخية مع بداية فصل الصيف هذا العام، ولا تنوي التوقف عن عملها قبل نهاية الموسم مع قدوم فصل الشتاء.

تقول أم سالم “الظروف الحالية جعلت حياتي صعبة للغاية، وباتت المسؤولية المالية ملقاة على عاتقي، وهو ما دفعني للبحث عن وسيلة دخل ومصدر رزق”، موضحة، أنها لم تجد سوى هذه المهنة كونها لا تحتاج إلى خبرات ولا شهادات ولا رأس مال كبير.

وتعتمد الأربعينية في بيع منتجاتها من الملوخية المجففة على الطلبيات التي تصلها من التجار، والنساء ممن يفضّلن شراء المؤونة الجاهزة من المنازل، بدل الاعتماد على المواد المعلبة في الأسواق.

وبحسب أرقام الأمم المتحدة، يعاني ما بين 75 و80% من العائلات في سوريا، باستمرار، من فجوة في الدخل والإنفاق لتلبية الاحتياجات الأساسية.

وهذا يشكّل خطرًا أكبر في الاعتماد على آليات المواجهة السلبية، بما في ذلك الاقتصادات غير المشروعة، وعمالة الأطفال، ومخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.