لكل السوريين

فنادق دمشق.. خدمات معدومة وأسعار باريسية

دمشق/ مرجانة إسماعيل

لا يمكن اعتبار ارتفاع أسعار الفنادق في دمشق ظاهرة طبيعية، بل نتيجة غياب الاستراتيجية السياحية وهيمنة المحتكرين. في ظل ذلك شهدت العاصمة السورية دمشق، ظاهرة ملفتة، حيث ارتفعت أسعار الإقامة في الفنادق إلى مستويات مبالغ فيها دون مُبرر على الرغم من ضعف الخدمات المقدمة، بحسب بعض النزلاء.

وعبّر سوريون عن غضبهم الشديد تجاه تلك الظاهرة خاصة وأن إيجارات الإقامة تخطت في بعض الأحيان أسعار الفنادق في دبي ومدن عربية وأوروبية، خاصة وأن الخدمات المقدمة ضعيفة إضافة إلى ضعف جودة المرافق أيضًا، في ظل الغياب الرقابي.

يطرح هذا الأمر تساؤلات حول المُبررات الاقتصادية أو السياحية لهذا الارتفاع غير المسبوق، خاصة في ظل تراجع القطاع السياحي وعدم توفر بنية تحتية فندقية حديثة تضاهي مثيلاتها في العواصم العربية الكبرى.

وتخطت أسعار الإيجارات ضعفي وثلاث أضعاف الإيجارات في مدينة دبي الإماراتية، الشهيرة بفنادقها الراقية ورفاهيتها، وهو ما يجعل الأسعار فيها واقعية. وأصبح ما تشهده الفنادق في دمشق “غير طبيعي”، إذ أن أسعار الإقامة في الليلة الواحدة تتراوح بين 300 إلى 400 دولار، في حين أن الفنادق الخمسة نجوم تقدم خدمات سيئة وانعدام النظافة، إضافة إلى ضعف الإمكانات والمرافق، مؤكدًا أن السعر العادل لابد ألا يتخطى 25 دولار.

ويطالب نزلاء الحكومة بضرورة القيام بضبط الأسعار على أن تكون منطقية، تتوافق مع مستوى الحياة في دمشق والخدمات والمرافق، خاصة وأن هناك شكاوى كثيرة من المغتربين السوريين الذين دخلوا البلاد عقب تحريرها إضافة إلى العرب والأجانب، في ظل الإقبال على قدوم موسم سياحي.

وحقيقة الأمر أنه بالتزامن موسم السياحة والسفر إذا وجد السائح أو السوري المغترب إلى سوريا هذا الغلاء مقابل ضعف وقلة الخدمات لن يعيد تجربته مرة أخرى لدمشق.

ويعزو ناشطون ارتفاع أسعار الإيجارات إلى أن بعض أصحاب الفنادق هم من الوجوه المقربة من النظام السابق، ويستغلون الوضع لجمع العملة الصعبة من المغتربين والسياح، ويعتمدون على غياب الرقابة الحكومية وعدم وجود بدائل تنافسية.

ويستغلون قلة عدد الفنادق الجيدة، بينما يزداد عدد الزوار، ومن الأسباب أيضاً تضرر القطاع السياحي خلال الحرب أدى إلى إغلاق العديد من الفنادق أو تدميرها. في الوقت ذاته لا توجد ضوابط لأسعار الإقامة، ولا معايير جودة ملزمة للفنادق.

ويرى ناشطون أن تجار الحرب مازالوا يعتقدون بأن نظام الأسد لم يسقط، واصفًا بعض أصحاب الفنادق بـ “لصوص على هيئة مستثمرين” يتغذون على المواطنين القادمين من الخارج. لذا يحاولون تعويض أكبر كم من العملة الصعبة بعد أن خرجت من أيديهم بسقوط الأسد، لهذا استمروا بالبلاد ولم يهربوا كغيرهم لأن أموالهم على شكل عقارات، وفنادق، وفيلات، وأراضي.

يذكر أن القطاع السياحي السوري تلقى ضربة قوية مع اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011، والحرب التي شنها النظام السابق على شعبه، إذ فقدت البلاد نحو 50 مليار دولار من عائدات السياحة.

وتكبد قطاع السياحة في سوريا خسائر فادحة خلال سنوات الحرب، حيث بلغ عدد المنشآت المتضررة 320 منشأة، وخرجت 1468 منشأة سياحية من الخدمة، كما قدرت قيمة الأضرار بحوالي 10.7 مليارات ليرة سورية.

وفي عام 2024، شهد القطاع نموًا ملموسًا، ووصل عدد القادمين حتى بداية تموز/يوليو إلى نحو 1.002 مليون زائر، بزيادة قدرها 5 بالمئة مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي سبقه، ما يعكس تطورًا تدريجيًا في النشاط السياحي رغم استمرار تحديات البنية التحتية والأوضاع الأمنية الهشة.

ومع طي صفحة الأزمة السورية ورفع العقوبات الأميركية والأوروبية، تسعى الحكومة السورية إلى إعادة تشكيل الاقتصاد الوطني، كما أن هناك تطلعات بأن يتم جذب الاهتمام بالقطاع السياحي وعودة الاستثمار فيه.