لكل السوريين

تشغيل ميناء طرطوس بين آمال التنمية ومخاوف التحديات

طرطوس/ اـ ن

يشكل ميناء طرطوس، ثاني أكبر موانئ سوريا على البحر المتوسط بعد ميناء اللاذقية، نقطة استراتيجية تربط شرق المتوسط بالمناطق الداخلية في سوريا والشرق الأوسط بشكل عام. ويعتبر الميناء أحد الشرايين الاقتصادية المهمة التي يمكن أن تلعب دوراً محورياً في مرحلة إعادة الإعمار المرتقبة في البلاد، ما يجعله محط اهتمام محلي ودولي في آن واحد لأسباب اقتصادية وجيوسياسية.

في هذا السياق، وقّعت سلطة دمشق عقداً مع شركة موانئ دبي العالمية بقيمة 800 مليون دولار لاستثمار وتشغيل ميناء طرطوس. ويُنظر إلى هذا الاستثمار على أنه خطوة لتعزيز الاقتصاد السوري المتعثر. ومع ذلك، تصاحب هذا التطور مخاوف مشروعة تستند إلى تجارب سابقة، حيث أثارت نتائج بعض مشاريع الشركة جدلاً حول نواياها والتزامها بتنفيذ المشاريع بفاعلية.

يُتوقع أن يشمل العقد تحديث الأرصفة، وتوسيع الميناء، وتحسين الخدمات اللوجستية، إلى جانب خلق فرص عمل جديدة ودعم فني وتشغيلي متقدم. لكن ثمة تخوفات من احتمال تعطيل الميناء لخدمة مصالح أخرى، أو ضعف الالتزام ببنود التطوير، فضلاً عن تضارب المصالح الجيوسياسية، لا سيما في ظل غياب الشفافية الكاملة في بنود العقد.

تأتي هذه المخاوف مع دعوات لوضع عقد وطني واضح وملزم، يتضمن شروطاً جزائية في حال التأخر أو الإخلال بالأهداف الاقتصادية، وإلزام الشركة بتشغيل نسبة محددة من العمالة المحلية وتدريبها، وضمان الحفاظ على السيادة السورية على الميناء، وعدم منح الامتياز الحصري للشركة الإماراتية، مع إشراك مؤسسات مدنية ونقابية لمراقبة الأداء.

يُشار إلى أن إلغاء الاتفاق السابق مع شركة روسية لإدارة ميناء طرطوس أثار جدلاً واسعاً حول الأبعاد السياسية لهذه الخطوة وتأثيرها على علاقات دمشق بموسكو، خاصة بعد توقيع عدة اتفاقيات مع شركات روسية خلال فترة حكم النظام السابق. ورغم ذلك، أُكد من مصادر برلمانية أن هذا القرار لن يؤثر على مستقبل العلاقات بين البلدين، مع تأكيد عودة كافة عائدات الميناء لصالح الخزينة السورية، وإعادة العاملين إلى ملاكهم في المرفأ، فضلاً عن تأهيل الآليات والمباني والساحات لتلبية احتياجات الميناء وتحسين خدماته.

يبقى ميناء طرطوس نقطة محورية في الاقتصاد السوري، ونجاح تطويره لا يقاس فقط بحجم الاستثمار أو سمعة الشركة المشغلة، بل بمدى توافق العقد مع المصالح الوطنية وقدرة الشعب السوري على الاستفادة من هذا المورد الاستراتيجي الحيوي.