لكل السوريين

كيانات سياسية جديد في المنطقة.. ومحاولات إقصاء متبادلة بين الجزائر والمغرب

تحدث الرئيس الجزائري لأول مرة بشكل علني، عن مشروع التكتل المغاربي الذي تنوي بلاده إطلاقه مع تونس وليبيا، وأشار إلى أنه سيكون كتلة لـ “إحياء العمل المغاربي المشترك، وتنسيق العمل من أجل توحيد كلمة هذه الدول بشأن العديد من القضايا الدولية”، مما يشير إلى سعيه لإنشاء كيان سياسي جديد في المنطقة قد يشكّل بديلاً عن اتحاد المغرب العربي الذي أسسته الدول المذكورة إلى جانب المغرب وموريتانيا قبل عقود.

وأعرب تبون عن أمله في أن يكون الكيان الجديد “بادرة خير لدول المنطقة من خلال جمع وتوحيد كلمتها حول الأمور التي تهمها، خاصة وأنها تتقاسم تقريباً نفس الإشكالات”.

وذكر المتحدث باسم الرئيس الجزائري أن الرئيس “اقترح صيغة جديدة، إذ لا يمكن انتظار عودة الاتحاد المغاربي إلى الحياة دون تحريك، أو تقديم بديل له”.

وحسب موقع أوراس الإخباري، أشار المتحدث “إلى أن الأمل معقود على أن يؤدي الاقتراح الجزائري إلى تحريك الاندماج المغاربي دون المغرب، إلى إعادة الحياة إلى الاتحاد المغاربي، وحل المشاكل بين البلدين وخاصة مشكلة الصحراء الغربية”.

واعتبر وزير الخارجية الجزائري أن سد الفراغ لا يعني خلق بديل لما هو موجود، وفي رده على التساؤل فيما إذا كان التكتل الجديد يشكل بديلاً للاتحاد المغاربي، قال الوزير “الاتحاد موجود لكنه في غيبوبة”.

واتفقت الجزائر وليبيا وتونس مطلع شهر آذار الماضي، على عقد اجتماعات كل ثلاثة أشهر يعقد أولها في تونس بعد شهر رمضان، بهدف “تكثيف الجهود وتوحيدها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية بما ينعكس إيجابياً على شعوب هذه الدول التي تشترك في الحدود”.

محاولات إقصاء متبادلة
يرى متابعون للشأن المغاربي أن خطوة الجزائر تأتي في سياق محاولات كل من المغرب والجزائر استقطاب دول المنطقة، ويشيرون إلى أن كلا الطرفين “يحاول فرض رؤيته، وتشكيل بديل للبناء التكاملي المغاربي”.

ويقول محللون جزائريون إن التوجه الجزائري يأتي رداً على المبادرة الأطلسية التي أطلقتها الرباط “لتطويق الجزائر من الجنوب الساحلي”.

وكانت الرباط قد طرحت مؤخراً خطة لربط بلدان الساحل الأفريقي بالمحيط الأطلسي، وراهنت من خلالها على تعزيز وجودها في القارة في سياق اهتمامها بمنطقة الساحل والصحراء.

واتفق وزراء خارجية المغرب ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، خلال لقاء عقد بمدينة مراكش في شهر كانون الأول الماضي، على إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل مبادرة الملك محمد السادس لاستفادة بلدان الساحل من المحيط الأطلسي.

في حين يشير محللون مغاربة إلى اختلافات كبيرة بين مبررات وأهداف مبادرة تنمية الأطلسي، كمشروع يسعى إلى “النهوض بالوضع الأمني والاقتصادي لدول الساحل والصحراء”، وبين الخطط الجزائرية، التي تسعى إلى “إقصاء المغرب وإنشاء تكتل يستعمل أداة للتوظيف السياسي ضد مصالح ترابية لدولة مغاربية جارة”.

غياب موريتاني

منذ البداية، نأت موريتانيا بنفسها عن الأزمة بين الجزائر والمغرب، وغابت عن المشروع الجزائري وعن المبادرة المغربية، في رغبة واضحة من نواكشوط للبقاء على الحياد، والسعي لتقوية العلاقات الثنائية المباشرة مع البلدين، حيث تجمعها مع كل منهما روابط اقتصادية وسياسية وأمنية مهمة.

وحسب المحلل السياسي الموريتاني عبد الله أسلم “تفضل موريتانيا الابتعاد عن التكتلات الإقليمية في الظروف الراهنة، وتبتعد عن كل المشكلات المرتبطة بملفات المنطقة، ولذلك لم تتجاوب مع المبادرة الأطلسية المغربية”.

وحول غياب بلاده عن الكيان السياسي الجديد الذي تسعى الجزائر لإقامته، يوضح المحلل الموريتاني أن للجزائر وتونس وليبيا رؤية بأن مشروعها الجديد مبني على القرب الجغرافي، وأن بلاده تستطيع أن تعالج قضاياها بعيداً عن التكتل الجديد.

في حين يفسر مراقبون عدم موافقة موريتانيا على المشروع الجزائري باعتقادها أنه سيقوم على أنقاض اتحاد الدول المغاربية الذي تأسس منذ سنة 1989، وهو بمثابة إعلان عن موته، وأن نواكشوط تكون طرفاً في هذا الإعلان.

يذكر أن العلاقات بين الدولتين بين الجارتين الجزائر والمغرب تشهد توتراً منذ أربعين سنة بسبب النزاع حول الصحراء الغربية التي تعتبرها الرباط جزءاً لا يتجزأ من أراضيها وتقترح حكماُ ذاتياً لإدارتها، بينما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستفتاء لتقرير مصيرها.