لكل السوريين

محافظة درعا.. تفاقم الوضع الاقتصادي والأمني والأطفال أول الضحايا

قبل بداية الأحداث التي عصفت بالبلاد، كانت ظاهرة عمالة الاطفال منتشرة في مناطق الجنوب السوري نتيجة للموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد، إذ ينظر الكثيرون في هذه المنطقة إلى عمل الطفل على أنه ضرورة لبناء شخصيته، ويعتقدون إنه إذا لم يتمرّس بالشغل صغيراً لن يصبح رجلاً نافعاً في المستقبل، ويرى أخرون أن المصلحة أمان من الفقر، فالولد الذي لا يعمل في صغره، لن يكون لديه مهنة عندما يكبر.

بينما يصرّ كثير من أصحاب المهن على تعليم أبنائهم المهنة منذ الصغر، بحيث يمكن أن يتابعوا تعليمهم ويتعلموا المهنة بنفس الوقت.

ولكن هذه الظاهرة كانت محدودة قبل أن تتفاقم في ظل الظروف التي فرضتها الأحداث خلال السنوات الماضية، وتشكّل خطراً على الأطفال والطفولة والمجتمع، بسبب ما يترتب عليها من نتائج خطيرة، من حرمان الأطفال من طفولتهم، إلى عدم استكمال تعليمهم وتفشي ظاهرة الأمية، وجعلهم فريسة سهلة للاستغلال، ولاحتمالات انحرافهم، وتعرضهم للعنف والأذى الجسدي والنفسي مما يحرم المجتمع من طاقاتهم الخلّاقة عند بلوغهم مرحلة الشباب.

الأطفال أول الضحايا

أدى تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية الذي تعاني منه معظم الأسر في محافظة درعا إلى عدم الاستقرار النفسي للعائلات وانعكس سلباً على علاقاتها بأطفالها مما أدى إلى اتساع دائرة العنف الأسري الموجه ضدهم.

وترك هذا الواقع المرير العديد من الآثار النفسية الأطفال، حيث باتوا يعانون من أوضاع صعبة نتيجة انخراطهم في سوق العمل وتعرضهم للعنف، وحرمانهم من حقوقهم في التعليم والحصول على الخدمات الصحية والغذاء.

وأجبرت هذه الظروف العديد من الأُسر على زج أبنائها في سوق العمل بسبب انقطاع مصادر دخلها أو فقدان عائلها، مما حرم الأطفال من طفولتهم، وضاعف من معاناتهم، وأصبحوا أكثر عرضة للأزمات النفسية بما يؤثر سلباً على بناء شخصياتهم وطباعهم، ويجعل منهم عدوانيين يميلون إلى العنف ضد المجتمع نتيجة إحساسهم بالقهر الاجتماعي، وتحملهم مسؤولية تفوق قدرتهم، إضافةً إلى تفشي بعض العادات والظواهر السيئة بينهم مثل التدخين وتعاطي المخدرات والسرقة، مما سيؤدي إلى انعكاسات سلبية خطيرة على حياة الطفل مستقبلاً، وعلى المجتمع ككل.

ولم تقتصر معاناة أطفال درعا على انخراطهم في سوق العمل وحرمانهم من حقوقهم، بل تجاوزه إلى تجنيدهم في الأعمال القتالية، وما يشكّله ذلك من تهديد لحياتهم، حيث فقد العشرات منهم حياته فيها، واعتقل بعضهم، وتعرّض الذين نجوا من المعارك والاعتقال لاضطرابات نفسية عميقة ستؤثر سلباً على حياتهم لفترات طويلة.