لكل السوريين

أصبحت حلم.. العقارات بين الدخل القليل وغلاء الأسعار

صار امتلاك منزل في حمص هدفا قابلا للتحقيق بالنسبة للعديد من السكان، خلال السنوات السابقة، لكن التضخم سحق هذه الطموحات، خاصة بعد أن قررت المؤسسة العامة للإسكان، رفع الأقساط الشهرية على المكتتبين والمخصصين في مشروع السكن الشبابي، بحجة ارتفاع تكاليف البناء.

يواجه سوق العقارات في حمص، ركوداً بسبب العديد من العوامل، في مقدمتها قانون جديد لبيع العقارات، حيث تخشى الوكالات العقارية من قلة العرض وقلة البيع والشراء، وارتفاع الضرائب، واستمرار عدم استقرار العملة السورية، وكل تلك العوامل شكّلت حاجزا أمام العديد من العوائل بامتلاك بيوت تأويها.

كان سعر المنزل الذي تبلغ مساحته 100 متر مربع، في مدينة حمص يتراوح بين أربعة وخمسة ملايين ليرة سورية، في ذلك الوقت كان الدولار الواحد يساوي حوالي 50 ليرة، بينما كان سعره في المناطق العشوائية المحيطة بالمدينة. بين مليون ونصف ومليوني ليرة، أي ما يعادل حوالي ست سنوات من أجر العامل السوري، حوالي 30 ألف ليرة في الشهر.

في ذلك الوقت، كان يتحتم على ذوي الدخل المحدود إمضاء قرابة 15 إلى 20 عاما، في العيش ضمن حياة التقشف والمعيشة الأساسية من أجل شراء أحد هذه المنازل في المناطق العشوائية، لكن مع قلة المساحات الآمنة، أدى ذلك إلى ارتفاع الأسعار والتضخم، وخلق تفاوت كبير بين الطلب والدّخل.

أما حالياً فإن المنزل بمساحة 100 متر مربع، يكلف ما لا يقل عن 80 مليون ليرة، مما يجعل تكلفة المتر المربع الواحد من المبنى 600 ألف ليرة، مع السقف والأعمدة، وما يصل إلى 800 ألف ليرة مع الإكساء الخارجي، وذلك من دون الأخذ في الاعتبار كلفة الأرض التي يحددها السوق العقاري المحلي.

في الوقت الحاضر امتلاك منزل أو إعادة ترميمه، أصبح ضربا من الخيال يمكن أن يتحقق في الأحلام فقط، بسبب ارتفاع تكاليف العقارات ومستلزمات البناء والطاقة والنقل، في ظل ذلك وتخفيفاً للتكاليف، اتجه الكثيرون للمناطق العشوائية والمخالفات، لكن ذلك يواجه خطر الهدف خاصة في ظل توالي التصريحات بهدم المخالفات كيفما كانت.

ومؤخراً، ارتفعت لوازم البناء وكافة السلع المستوردة الأخرى، وتحولت إلى سوق سوداء كغيرها من المواد داخل البلاد، فمثلا يمكن أن تصل كلفة طن الإسمنت بين فترة وأخرى إلى 800 ألف ليرة، في حال وجود طلب عليه، كما يمكن أن تصل كلفة طن الحديد إلى 4 ملايين ليرة، خاصة عند تأخير استيراده، وبالتالي فإن المستوردين يتحولون إلى إخفاء واحتكار المادة، والتحكم في سعرها.

تكلفة طن الإسمنت الرسمي ارتفعت إلى 416 ألف ليرة، بدلا من 180 ألف ليرة في العام الماضي، في حين ارتفعت تكلفة طن الحديد إلى 3.5 مليون ليرة، بدلا من 225 ألف ليرة، كما أن تكلفة اليد العاملة قد زادت أيضا بسبب غلاء المعيشة، حيث وصلت يومية العامل المساعد إلى 18 ألف ليرة.

وفي ضوء كل هذا يبقى العائق الأكبر، حين يبلغ متوسط صافي الراتب الشهري للموظف السوري 90 ألف ليرة سورية، فقد بات شراء منزل في حمص أمر يفوق خيالات السوريين عامة، فمع ارتفاع أسعار العقارات في سوريا عامة وحمص خصوصاً غير المبرر، أصبح من المستحيل شراء منزل في سوريا، حتى لو كان المرء محظوظا بما يكفي للعثور على وظيفة، حيث تُعتبر أزمة السكن في سوريا من أكثر القضايا إلحاحا في البلاد، في الوقت الذي ارتفعت فيه تكاليف البناء بنحو 200 بالمئة.