لكل السوريين

“حركات داعش”… مسافرون من الرقة يروون مشاهداتهم بعد زيارة الداخل السوري

أرعب صوت عنصر على حاجز أمني بمدخل مدينة حماة ركاب سيارة للنقل العام، بعد أن بدأ بالصراخ بطفلة بعمر إثني عشر عاماً طالباً منها تغطية شعرها وتساءل عن أباها.
وقالت رقية إبراهيم 30 عاماً، وهي عمة الطفلة، أنها تردت بادئ الأمر في إجابة عنصر هيئة تحرير الشام عن أنها هي عمة الطفلة لكن صراخه المتكرر وبكاء ابنة أخاها استدعى تدخلها لتقول له إنها طفلة ولم يروا أنها وصلت سن ارتداء الحجاب.
وأضافت في حديثٍ لصحيفة السوري بعد أن عادت إلى الرقة، أنها كانت خائفة خلال النقاش مع عنصر هيئة تحرير الشام والذي هددها بالاعتقال في حال زارت المنطقة مرة أخرى دون تغطية شعر ابنة أخاها التي تضطر للسفر كل فترة من الزمن إلى دمشق للحصول على العلاج.
وروى سكان من مدينة الرقة لصحيفة السوري مشاهداتهم عن تصرفات عناصر هيئة تحرير الشام في المناطق السورية التي يسيطرون عليها، مشبهينها بالأساليب المتشددة التي اتبعها تنظيم “داعش” خلال فترة سيطرته على الرقة بين الأعوام 2014 و 2017، والتي انتهت بعد تحرير المنطقة على يد قوات سوريا الديمقراطية.
وقال عدنان محمد (وهو اسم مستعار لسائق من الرقة خشية ذكر اسمه الحقيقي خوفاً من عناصر الهيئة)، إنه خلال رحلات سفره الأخيرة إلى مدينة دمشق هدده عناصر هيئة تحرير الشام بالاعتقال في حال لم يلتزم كامل الإناث بارتداء الحجاب في سيارته المخصصة لنقل الركاب بين الرقة والداخل السوري.
وأضاف عدنان محمد، أن يحرج أما الركاب عندما يطلب من طفلة أن تغطي شعرها، أو أن يطلب منهم أن تجلس النساء في المقاعد الأخيرة والرجال في المقدمة بحسب الأوامر التي يتلقاها من عناصر الهيئة على الحواجز الأمنية الموجودة على طريق الرقة ـــ دمشق.
“وين المحرم”

رغد شاهين وهي طالبة جامعية من الرقة تدرس في مدينة حمص، لصحيفة السوري، إنها اعتادت هي ولصديقات لها السفر نحو مدينتهنَّ لقضاء العطلة ويأخذن سيارة تكسي عمومي وهي وصديقاتها الثلاث.
وأضافت رغد، أنهنَّ عندما وصلنَّ حاجزاً أمنياً تابع لهيئة تحرير الشام على طريق حمص دمشق، سأل أحد عناصر الحاجز الفتيات عن صلة القرابة بينهنَّ وبين السائق، أجابت إحداهنَّ أن لا صلة قرابة بين السائق والشابات ليتسأل العنصر عن سبب غياب قريب لهنَّ عن رحلة السفر ويقول: “وين المحرم”.
وأكدت رغد أن العنصر بدأ بالحديث للشابات عن ضرورة وجود محرم مع المرأة خلال السفر وأن سفرها دونه يعرضها للمخاطر لا سما إن كانت شابة، وأثار ذلك استغراب الشابات الثلاث لكنهنَّ فضلنَّ الصمت خشية تعرضهنَّ للمضايقة من عناصر حاجز هيئة تحرير الشام.
وبُعيد سيطرة تحرير الشام على العاصمة السورية دمشق عقب سقوط النظام السوري السابق في كانون الأول الماضي، ظهرت ملصقات في معظم المناطق التي تسيطر عليها الهيئة تحث السكان على الالتزام بقواعد شرعية متشددة وأثار ذلك جدلاً في سوريا حول مستقبل الحكم والذي يظهر محفوفاً بالمخاطر بظل وجود شخصيات متشددة على رأس هرم السلطة.
لا تطرف سوريا

وصرح مسؤولين غريبين عن مخاطر وجود قيادات متشددة في سوريا، وما يحمله ذلك من تحول سوريا مرة أخرى لساحة لوجود متشددين يحكمون مناطق جغرافيا كما حدث خلال فترة سيطرة “داعش” على مناطق سورية واسعة.
وقالت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، في تصريح منتصف كانون الثاني الماضي، إن دول الاتحاد تعمل للضغط على هيئة تحرير الشام من خلال الرفع التدريجي للعقوبات في سبيل تجنيب تحويل نظام الحكم في سوريا إلى نظام متشدد ينتهك خصوصية السكان.
وأضافت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، أن على هيئة تحرير الشام إشراك جميع المكونات في سوريا بالحكم وكذلك إشراك جميع الشرائح الاجتماعية بما فيها النساء لضمان حقوقهنَّ وعدم التعدي على حرياتهنَّ.