لكل السوريين

عدوانها الوحشي على غزة.. يدخل الدولة العبرية بمأزق غير مسبوق

أسفر برنامج “التجنيد للاحتياط” الذي أطلقه وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بالتعاون مع ووزير الدفاع يوآف غالانت، عن خلافات عميقة داخل حكومة نتنياهو حول مصادر تمويل هذا البرنامج في موازنة العام الحالي.

وجاء الإعلان عن البرنامج في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي بتسريح المزيد من قوات الاحتياط بهدف إعادتهم إلى سوق العمل لتحريك عجلة الاقتصاد الذي تضرر بفعل الحرب جراء تغيب قرابة 350 ألف شخص تم استدعاؤهم لخدمة الاحتياط منذ أكثر شهرين ونصف.

وحسب البرنامج، ستدفع تعويضات تصل إلى ثلاثين ألف شيكل لكل جندي احتياط مقابل خدمته خلال فترة الحرب، بينما سيتم تعويض جنود الاحتياط من أصحاب الشركات والمصالح التجارية، حسب المعايير التي تحدد مقابل التعويض عن خسائر المصالح التجارية والشركات في البلاد، في وقت تعاني فيه الدولة العبرية من انكماش كبير في اقتصادها، حسب صحيفة واشنطن بوست، التي قالت إن الإنفاق الحكومي والاقتراض في إسرائيل قد ارتفعا، بينما انخفضت عائدات الضرائب.

وأضافت الصحيفة أن بعض الخبراء يتوقعون انكماش الاقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير في العام الجاري قياساً بالعام الماضي، وفق تقديرات بنك إسرائيل المركزي.

مأزق غير مسبوق

تحدث الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد البهنسي عن أزمة اقتصادية وسياسية عميقة في إسرائيل، وأشار إلى أن الوزير بيني غانتس يطالب بضرورة تخصيص جزء من “الأموال الائتلافية” المخصصة للأحزاب التي تشكّل الحكومة لصالح المجهود الحربي في غزة، بينما يدخل وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في صراعات مع الحكومة لتخصيص موارد أكبر لقطاع المتدينين على حساب الجيش الذي يحارب في غزة.

وتعتبر شرائح واسعة من الإسرائيليين اليمين اليهودي “عالة على المجتمع”، فهو لا يخدم في الجيش ولا يساهم في الاقتصاد، فضلا عن أنه يعيش على المعونات الاقتصادية الحكومية،

وذكر البهنسي أن المكون الاقتصادي للمواطن الإسرائيلي يتحكم بصورة كبيرة في أولوياته حتى في وقت الحرب.

وذكّر بأن رئيس الأركان الإسرائيلي إبان الحرب الثانية على لبنان عام 2006، اللواء دان حالوتس، باع كل أسهمه في البورصة في يوم الحرب، وبعد هجوم الصحافة الإسرائيلية عليه وسؤاله عمّا إذا كان محارباً أم رجل اقتصاد، أجاب بأنه “مواطن إسرائيلي يسعى إلى الربح”.

أزمة تعبئة الاحتياط

يقول المحلل الاقتصادي في صحيفة “كلكليست” شلومو تيتلبوم “من الواضح أن أحد المصادر الرئيسية لتراجع النشاط الاقتصادي هو التعبئة الواسعة للاحتياط، وأن دفع رواتب وتعويضات جنود الاحتياط هو التكلفة الصغيرة نسبياً، بيد أن الثمن الباهظ يرجع إلى حقيقة أن هؤلاء الاحتياط لا يعملون”.

ويدعو المحلل إلى إعادة عدد كبير من جنود الاحتياط في المقرات وفي العديد من الأماكن الأخرى، إلى سوق العمل، ويقول “إذا لم يتم تسريحهم، فسندفع ثمناً باهظاً يستنزف الاقتصاد”.

ويعتقد الصحفي الاستقصائي في موقع “شومريم”، شوكي سديه، أن المناقشات بشأن موازنة العام الحالي ستظهر عمق الخلافات في إسرائيل حول إقرار الموازنة، ورصد المزيد من الأموال لتغطية نفقات الحرب، أو زيادة الميزانيات المخصصة لوزارة الأمن ولبرنامج “تعويض الاحتياط”.

ويشير إلى أنه دون إلغاء المكاتب والوزارات الحكومية غير الضرورية التي لم تقم بأداء أي وظيفة خلال الحرب، فإن العجز سيتفاقم بالموازنة ويفرض ثمناً باهظاً على المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي.

ويلفت إلى أن “وجود الوزارات الموجودة فقط من أجل الحفاظ على الائتلاف الحكومي” تعكس الفوضى الإدارية التي رافقت الحكومة خلال الحرب، من خلال الاستيلاء على الموارد المالية المخصصة للجمهور، وتخصيصها لفئات وقطاعات مشاركة بالحكم “من خلال سياسات تافهة، ومنفصلة عن المصالح الوطنية”.

سياسة العصا والجزرة

بعد نشر قرار بنك إسرائيل خفض الفائدة، وعلى خلفية انتقادات محافظه أمير يارون للحكومة بشأن سياساتها المتعلقة بالموازنة في ظل الحرب، والخطوات التي لم يتم اتخاذها بعد لخفض العجز، رفض وزير المالية بتسلئيل سموتريتش توصيات يارون التي تدعو إلى إلغاء المكاتب الوزارية غير الضرورية ورفع الضرائب، بحسب صحيفة يديعوت أحرونوت.

ونقلت الصحيفة عن سموتريتش قوله إن “مصدر تمويل ودفع التعويضات لقوات الاحتياط سيكون من الميزانية المخصصة لوزارة الأمن، وستكون على حساب شراء الذخيرة والمعدات”.

ويعتقد مراسل الشؤون الاقتصادية لصحيفة يديعوت أحرونوت أن محافظ بنك إسرائيل بقراره خفض الضريبة في هذه الظروف، يلجأ إلى اعتماد سياسة “العصا والجزرة” مع الحكومة، ويعتبر أن الحكومة تتصرف بشكل غير مسؤول من أجل الحفاظ على الائتلاف.

وحسب المراسل “تتصرف حكومة نتنياهو وكأن الأمر لا يعنيها، وليس لديها توجه لإجراء تعديلات على الموازنة أو المساس بميزانيات الائتلاف، مما سيدفع نحو عجز هائل بالموازنة ويشكل تهديداً لاستقرار اقتصاد إسرائيل”.