لكل السوريين

الحوار الوطني في مصر..بين المتشككين والمؤيدين

تقرير /لطفي توفيق

بعد ثماني سنوات من السيطرة على المشهد السياسي في مصر، أطلق الرئيس المصري في شهر نيسان الماضي دعوة إلى إجراء حوار وطني شامل تحت مظلة “وطن يتسع الجميع”.

وقال السيسي إن الحوار الذي اجتمع مجلس أمنائه لأول مرة، ويتوقع أن يجتمع أطرافه كافة بعد عيد الأضحى، سيضم مفكرين وسياسيين باستثناء فصيل واحد، في إشارة واضحة إلى جماعة الإخوان المسلمين.

وجاءت هذه الدعوة بعد مرور الذكرى التاسعة لأحداث الثلاثين من حزيران عام 2013، عندما تظاهر ملايين المصريين مطالبين بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين، مما أدى إلى بيان الثالث شهر تموز الذي عطّل عمل الدستور، وقرر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أسفرت عن تولي عبد الفتاح السيسي السلطة رسمياً.

وتباينت الآراء حول دوافع وأهمية هذا الحوار، حيث يراه البعض “إجراء شكلياً” لن يحقق شيئاً على أرض الواقع.

في حين يعتبره آخرون “فرصة ذهبية لفتح المجال العام وعرض المطالب”، ويشيرون إلى أهمية أن تتمكن الأحزاب السياسية من الاجتماع والتشاور حول شؤون البلاد.

بدايات الحوار الوطني

بدأت أعمال الحوار باجتماع مجلس الأمناء الذي ضم شخصيات من توجهات سياسية وفكرية مختلفة بهدف تسيير جلسات الحوار.

وعقد جميع أعضاء مجلس الأمناء المكون من 19 شخصاً، اجتماعهم تحت شعار “الطريق نحو الجمهورية الجديدة.. مساحات مشتركة”، بحضور نقيب الصحفيين المنسق العام للحوار الوطني

الذي أعلن أن جلسات المجلس ستكون علنية، وستضم ممثلين لجميع الأطياف السياسية والنقابية والاجتماعية، وأنه “لن يتم إقصاء أي رأي أو فصيل باستثناء من تلوثت أيديهم بالدماء”، في إشارة منه لجماعة الإخوان المسلمين أيضاً.

وفي الجلسة الافتتاحية للاجتماع، قال رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني “تم توجيه الدعوة لخمسمئة شخصية من مختلف التوجهات للمشاركة في جلسات المؤتمر”.

وأكد أن الأمانة تلقت ما يقرب من مئة ألف استمارة تسجيل ومشاركة، وأشار إلى أن الجلسات ستركز على المحاور السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وبالتزامن مع هذه الجلسة، أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية التي تمثل أحزاب المعارضة في مصر أن تشكيل أمانة الحوار الوطني قد استوفى ما اتفق عليه إلى حد كبير، و”حقق توازناً مطلوباً بين ممثلي الحكومة والمعارضة”.

تشكيك بهدف الحوار

شكك كثير من المتابعين للشأن المصري بجدوى وأهداف الحوار الوطني بعد استبعاد جماعة الإخوان المسلمين وقوى سياسية أخرى.

وأشارت عدة تقارير صحفية إلى توقيت الحوار مع اللقاء بين الرئيس الأمريكي والزعماء العرب في الرياض، واعتبرته محاولة “لكسب رضا الإدارة الأمريكية الحالية”.

إضافة إلى تزامن توقيته مع اجتماعات صندوق النقد الدولي في القاهرة، حيث سيطرح ملف الحريات العامة  في هذه الاجتماعات.

وركزت التقارير الصحفية على اختلاف في تقديرات أجهزة السلطة المصرية لجدوى الحوار “بين جهاز يراه مفيداً في إلهاء الشعب ومخادعة الرأي العام العالمي والولايات المتحدة بصفة خاصة، وجهاز آخر يرى خطورة في إفساح المجال أمام عودة السياسة إلى الحياة العامة، مهما كانت مستويات هذه العودة وميادينها”.

ويرى متابعون للشأن المصري أن السلطة والأحزاب الموالية لها تسعى من خلال الحوار إلى الحد من مظاهر الاحتجاج الشعبي على تردي الأوضاع المعيشية، وتجميل صورة النظام الخارجية من خلال الإيحاء بأنه مقبل على انفتاح سياسي شامل.

تباين مواقف المعارضة

اتهمت أحزاب مصرية معارضة النظام بالإصرار على تحويل الحوار إلى كرنفال تجميلي يبيّض وجهه أمام الخارج دون إجراء إي تعديلات جوهرية أو تقدّم حقيقي في الملفات المهمة التي تؤرق المصريين، وعلى رأسها ملف سجناء الرأي الذين قضوا سنوات عديدة في السجون من دون محاكمة.

وأشارت إلى أن أطراف محسوبة على المعارضة تجاوبت مع الدعوة للحوار لإبداء حسن النوايا، بينما رفض النظام الوفاء بوعوده التي قطعها حول ملف سجناء الرأي حيث وعد بأن يتم إطلاق سراح عدد كبير من النشطاء السياسيين مع انطلاق للحوار، وهو ما لم يحدث، حيث تم الإفراج عن عدد صغير من الموطنين الذين شاركوا بالاحتجاجات.

ومع ذلك جاء رد فعل المعارضة المصرية على الدعوة للحوار متبايناً بين من رحب بالحوار واعتبره خطوة على طريق التحول الديمقراطي في مصر، وبين من رأى أن الحوار لن يكون حقيقياً إلا بمشاركة جميع أطياف المعارضة السياسية، ووقف حملات القبض على المعارضين واحترام الحقوق والحريات العامة الواردة في الدستور وفي المعاهدات الدولية ذات الصلة.