لكل السوريين

مشهد وباء الكورونا.. ما بين سرعة انتشاره وتزايد القلق والتخوفات وغياب الإجابات المطمئنة

وباء كوفيد-19 أو كورونا المستجد, هو أحدث نسخة تطورت من فيروس(SARS-Cov2)، إذ أثبت العزل الجينى تطابقه بنسبة 80% مع تسلسل سارس، وأكثر من 85% مع تسلسل كورونا الخفافيش . فيما وجد جزئ غريب ثبت لاحقاً أنه ينتمى جينياً لحيوان “آكِل النمل المدرع”. انتشر فى بدايته (أوائل كانون الثاني2020) بين نحو 41 مريضاً فى سوق المأكولات البحرية بمدينة ووهان، سابع أكبر مدينة في الصين, وأغلبهم من كبار السن، وبعضهم كان يعانى من أمراض مزمنة. وتراوحت أعراض المرض لديهم بين(الحمى، السعال، الإنهاك، الصداع، ضيق التنفس، نفث الدم، والإسهال). وخلال شهرين تفاقم الوضع، وتعدى الوباء حدود ووهان وحدود الصين.

أكثر البلدان تأثراً بالوباء بعد الصين: إيران وإيطاليا وكوريا الجنوبية، وقد سجلت أمريكا وبعض الدول الأوروبية حالات وفاة كذلك. والخوف لدى المراقبين من تضاعف الأرقام السريع، خاصة فى البلدان الأقل جاهزية صحيا.

وسادت في مجتمعاتنا، طريقة غريبة في التعامل مع الحدث، فقد انتشرت منشورات كوميدية ونكتا حول الفيروس، وتم نسج خيوط الكوميديا السوداء للتسلية والترويح عن النفس، بما يوحي بالاستخفاف والسخرية بالوباء, ترافقت مع الخطاب المهدئ والتسكيني لدى القائمين على الشأن السياسي والصحي , ما قبل وصوله الينا, وبإمكاننا مواجهته استنادا على تجاربنا وخبراتنا الحياتية. واخبار العالم تدفق من حولنا على هول وحجم الكارثة. علاوة على ان بعض الآراء ارجعت الامور إلى حروب بيولوجية بين الدول العظمى، وبعض آخر رأى تفسيرا واحدا للوباء، وهو بعدنا عن الله، وأنه غضب على من فسدوا في الأرض. رغم أن هذا الوباء أصاب كل دول العالم الإسلامي وغيرهم.

لكن كل ذلك لم يتمكن من تغطية واخفاء الأحاسيس الكبيرة بالتهديد والخطورة , والتي تمظهرت بالتسابق تخزين المواد الغذائية تحسبا لأي قرار يحظر الخروج من المنازل، مما أوضح أنانية البعض وايثارهم لحياتهم على حساب الآخرين.

طلبت وزارة الصحة السورية والإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية, باتباع إجراءات الوقاية كالنظافة وغسيل الأيدي وارتداء الكمامات والابتعاد عن مصادر العدوى المحتملة. إن المرحلة الحرجة التي تمر منها البلاد تتطلب تعاونا وتآزرا، وتفكيرا في المصلحة العامة لا الشخصية، وفي حياة الإنسان قبل حياة الاقتصاد والسياسة، كما أنها تتطلب وضوحا وشفافية بين القائمين على الشأن السياسي والصحي، والشعب، حتى يتجند الجميع لمواجهة الخطر في خط واحد ثابت، وفي مختلف المستويات.

كما أننا نتساءل مع الفئة التي ترى الأمر حربا بيولوجية وحرب مناعات: هل سينتج عن هذا الوباء قلب موازين القوى بين الدول الاقتصادية الصناعية العظمى؟ أم أن الأمر لا يعدو كونه تصفيات حسابات اقتصادية ستنتقل عدواها إلى الأجيال القادمة؟.

انعام إبراهيم نيّوف