لكل السوريين

بينها “ملهي الرعيان والعليج عند الغارة”.. مُعِّمر يشرح تفاسير ستة أمثال شعبية لا تزال متداولة

السوري/ دير الزور ـ يتردد بين مسامع وألفاظ سكان الريف الشرقي لدير الزور أمثال شعبية تعبر عن واقعهم والقليل منهم يعرف قصصها الحقيقية. لكن الكثير من أبناء المنطقة لا يعرفون من أين جاءت هذه الأمثال.

كثيرا ما تسمع أمثال يرددها الناس بينهم يقولونها ليختصروا على أنفسهم عناء الشرح، وهذه الأمثال تقال على سبيل أن خير الكلام ما قل ودل، فكل مثل يدل على حالة الشخص الذي قيل المثل حوله، وأهل كل منطقة لديهم قصص معروفة حول هذه الأمثال هذه القصص لا تختلف بجوهرها عن القصص المتداولة في المناطق الأخرى. ولكن ربما يكمن الاختلاف بطريقة صياغتها وطريقة سردها.

حول هذا الموضوع التقت صحيفتنا بـ عبيد محمد الأحمد، معمر من ريف دير الزور الشرقي، وتحديدا من هجين، الذي حدثنا عن ماهية الأمثال ومن أين جاءت، وفيما تقال، فيقول “الأمثال كثيرة في كلامنا، وربما نحن نقولها دون أن نعيرها أي انتباه، ولكن لكل مثل قصة تدل على معناه”.

بالميت سعره كذا

عن هذا المثل ومن أين جاء، يقول عبيد “في القديم كان العرف أن يدفن كبير العائلة داخل البيت، وإذا أراد أحد الأولاد بيع البيت يجب أن يبيعه مع الميت، وبالتالي أمامه خياران إما أن يبيع البيت بالميت أو يخرج الميت ويبيع البيت بسعر أعلى، ولهذا يضرب المثل ويقال للسعر الأدنى”.

العيلج عند الغارة ما ينفع

هذا المثل يعد من الأمثال المتداولة بكثرة، وفي شرح له، قال الأحمد “حكاية هذا المثل أن بعض فرسان القبيلة المتخاذلين يؤجلون إطعام خيولهم، لكنهم عندما يحدث الغزو ويريدون ركوب الخيل يسارعون بوضع العلف للخيول، وبما أن الخيل جائعة تقدم على العلف بسرعة، ونهم كبير، مما يسبب لها الإسهال، وتصبح غير قادرة على حمل المقاتلين ويضرب هذا المثل للقيام بعمل ما في وقت ضيق أو غير مكانه”.

ملهي الرعيان

ملهي الرعيان، أيضا من الأمثال المتداولة بكثرة، وأوضح عبيد أن هذا المثل جاء من قصة واقعية، تقول “في القدم كان طائر يحط فوق الإبل والغنم عندما تكون في المراعي، فيراه الراعي ويحاول صيده، إلا أن الرعاة يفشلون باصطياده، فيمضون وقت الرعي في محاولة صيده، ولا يعتنون بأغنامهم، ويستخدم هذا المثل عندما يقوم شخص بإلهاء شخص آخر عن عمله”.

حاميها حراميها

كثيرا ما نسمع مثل حاميها حراميها يخرج من أفواه العديد من المواطنين، وهذا المثل أصبح عابرا للحدود، فبات يتداول في مجالس دول عدة، وعن هذا المثل يقول الأحمد “يقال هذا المثل عندما يتفشى فساد وسرقات واختلاس بين أصحاب المناصب”.

ويضيف “ظهر هذا المثل عندما كان الاحتلال العثماني في سوريا، وتبدأ قصته عندما قرر ثلاثة من طالبي العلم الذهاب من دمشق إلى بغداد، وحملوا معهم أمتعتهم وبعضا من الذهب والنقود، وفي الطريق ضلّوا الطريق، والتقوا برجل محتال أراد أن يحتال عليهم، فخدعهم وسرق مالهم، في الطريق مرت دورية للعسكر فاشتكوا حالهم لها، وقامت الشرطة بإلقاء القبض على الجاني واقتادت الطرفين إلى حاكم بغداد”.

وأردف “بعد أن اجتمعوا عند الحاكم، أمر الحاكم بالتحدث على انفراد مع السارق، واتفق معه على أن ينكر أنه سرق الذهب من عابري السبيل، فأقر الحاكم بأنهم قد افتروا عليه دون دليل، فأمر بإطلاق سراح الحاكم، وما إن خرجوا من السجن التقوا برجل حكيم من بغداد، وقصوا علهي قصتهم، فقال لهم بأنه سيساعدهم في استرداد أموالهم”.

ويتابع “التقى الرجل الحكيم بالسارق، ووعده بأن يعطيه ليرة ذهبية إن أخبره بما فعل بالمال، فأجابه بأن الحاكم قام بمصادرتها، مقابل إطلاق سراحه وتبرئته، فانفعل الرجل العجوز، وقال ’’حاميها حراميها’’”.

جاء ليكحلها فأعماها

قصة هذا المثل حدثنا عنها مسن آخر من هجين، اسمه إبراهيم المحمد، عندما سرد قصتها، فقال “جاء هذا المثل من قصة تحكي أن ابن أحد أثرياء بغداد خرج فجرا ليصطاد من الفلاة، وإذ به يشاهد ابنة جاره وكأنها البدر في ليلة النصف، وكانت بينها وبينه مودة في الصغر، وتركا بعضهما منذ زمن بعيد، وكانت تضع كحلا في عينيها، فأعجب بسواد عينيها، فأراد أن يضع نفس الكحل على عينيه، فما إن بدأ بوضع الكحل حتى فتقت أظافره بؤبؤ عينه ففقأها، وعندما شاهد الجميع عينه قد أصيبت بالعمى أطلقوا هذا المثل”.

درب سعيد درب أخوه

هذا المثل الذي يكاد أن يكون أقرب للخيال، قصَّ قصته الحاج إبراهيم، عندما قال “هذا المثل قديم جدا، وقصته أن 40 رجلا من أصحاب البشرة السوداء من أم واحدة وأب واحد خرجوا إلى البادية سوية، وكان الجو نهاية فصل الشتاء، وارتفعت الشمس في كبد السماء واشتدت حرارة الارض مما تسبب بتبخر الماء من الأرض، وكانوا قد شعروا بالجوع، فلاحظوا مكان يتبخر منه الماء، بشدة فذهبوا إلى المكان ظنا منهم أنه قدر من الطعام يغلي، فوجدوا بئرا، وبعد نقاش اتفقوا على أن ينزل أحدهم ويجلب لهم الطعام، فتأخر ونزل الآخر ليساعده، وهكذا توالوا بالنزول واحدا تلو الآخر ليغرقوا في البئر حتى آخر واحد منهم وكان اسمه سعيد”.

وتابع “فكر سعيد مليا، وبعد تفكير طويل، قرر النزول قائلا درب سعيد درب أخوه، فألقى بنفسه في البئر، ولم يعد، ومنذ ذلك الحين يضرب هذا المثل ليبين أن طريق الفشل واضح، ولابد للفاشل أن يسلك هذا الطريق”.

تقرير/ علي الأسود