لكل السوريين

يوم للطفل.. وكوارث للطفولة

لطفي توفيق

بطريقة مستفزة..

تحتفل المنظمات المعنيّة بالطفولة كل عام..

باليوم العالمي للطفل.

وتقيم الأفراح والليالي الملاح..

احتفالاً بما وصلت إليه إنجازاتها العابرة للقارات.

وبذات الطريقة يتحدث خبراء الطفولة عن طفولة سعيدة..

ويعرضون على الشاشات مجموعة أطفال بخدود موردة..

وملامح مترفة.. وعيون ملونة.. وسعادة لافتة.

ولكنهم لا يعرضون صور الأطفال من جياع إفريقيا..

وهم يجلسون كأشباح عراة..

لا يتحرك من أجسادهم سوى بؤبؤ يدور في أحداقهم الجافة كفوهة منجم فحم حجري..

هل رأيتم تلك الصور؟!.

ولا يتحدث أحد من جهابذة المحتفلين بهذا اليوم..

عن عصابات سرقة الأطفال.. ذكوراً وإناثاً..

وبيعهم لتجّار الجنس..

وتجّار الأعضاء البشرية.

ولا يتحدث أحد عن الطفل الذي يقف على قارعة الطريق

تحت سياط شمس الصيف.. ومطر الشتاء..

ويمد يده في وضح النهار إلى العابرين..

أملاً بأن يدسّ أحدهم في هذه اليد الممدودة قطعة نقود..

لا يتمكن بدونها من العودة إلى كوخه الخرب..

حيث بانتظاره والد سكير.. وأسرة جائعة ومفككة..

مغمورة ومنسية.. ضائعة ومضيّعة.

وعن الطفلة التي تحمل العلكة والسجائر المهربة..

وتنتقل من شارع إلى آخر لتبيع بضاعتها لمن تتمكن من إقناعه بها..

وعندما تجوع تقف بذل وانكسار..

أمام أي مطعم لتحصل على ما يسد رمقها..

وغالباً.. ما تتعرض للضرب والطرد والشتم والإهانة.

ونادراً.. ما تحصل على بقايا طعام قبل رميها في النفايات.

ولم يعرض أحد صور الأطفال المشردين..

وهم يتقاسمون مع الكلاب الضالة أرصفة الشوارع..

ويتقاسمون معها زجر المارة.. وعصي حراس الليل..

وأولئك الذين يتنافسون مع قطط الشوارع.. قبيل الفجر..

في البحث عما يمكن أن يسد الرمق في حاويات النفايات.

وسعيد الحظ منهم.. الذي وجد له مأوى في جمعية.. أو دار للأيتام..

ليس أسعد من هؤلاء بكثير..

حيث تكفي متابعة دقيقة لما يجري داخل أسوارها..

وخلف أبوابها المقفلة غالباً..

لاكتشاف السعادة التي يعيشها نزلاء هذه الدور.. وتلك الجمعيات.

إذا كان هذا كل ما تستطيعه المنظمات العالمية المعنية بالطفولة..

فلتذهب إلى الجحيم كل هذه المنظمات.. وهذه الجمعيات.

وليلحق بها كل جهابذتها وخبرائها.

والمتغنين بأمجادها.