لكل السوريين

السادس من أيار.. عرس الشهداء

لطفي توفيق

فور وصوله إلى بلاد الشام..

وقف السفّاح بمستقبليه خطيباً:

بوصفي وزيراً للبحرية العثمانية..

وقائداً للجيش الرابع..

ستكون مهمتي هنا في بلاد الشام عسكريةٌ بحتة..

إننا في حالة حربٍ..

وإذا تجاسر أي عربي منكم على عرقلة مجهودنا الحربي..

فليس له عندي غير حبل المشنقة.

وعندما لفت نظره أحد مستقبليه إلى لهجة العنف في خطابه..

أجابه: بل قُل هو العنف العنيف..

الذي سأواجه به تلك الجمعيات السرية التي أخذت في الانتشار بهذه البلاد..

فكل هذه أوكار يجب هدمها على الفور..

وقتل أعضائها من الخفافيش..

لأنهم أعداء للباب العالي..

وشكل السفاح .. ديوان حرب عرفي..

لمحاكمة أحرار بلاد الشام  بتهمة خيانة الدولة العليّة في زمن الحرب.

وعندما جاءه رئيس الديوان بالعقوبات المقترحة..

صرخ بوجهه: ماذا؟!!.. براءة؟!!..

ثلاثة شهور سجن!.. براءة!.. نفي إلى الأناضول!..

ما هذه الأحكام هل كانت التهم الموجهة إلى هؤلاء الأوغاد هي مخالفة تسعيرة الخبز؟!.

وصرخ بمدير مكتبه: هات القلم الأحمر يا فؤاد..

واكتب الأول.. إعدام. الثاني.. إعدام. الثالث.. إعدام. الرابع.. إعدام.

فقال رئيس الديوان العرفي.. أرجوك يا باشا أن تفكر في التاريخ..

ماذا سيقول عنا؟!!

فصرخ بوجهه: فليتحطم التاريخ على رؤوسكم جميعاً.

وعندما بدأ عرس الشهداء..

وصلت مواكب عشّاق الحرية

إلى ساحة المرجة بدمشق..

وساحة الحرية ببيروت..

وهم يهزجون..

مرحباً يا أرجوحة الشرف..

مرحباً يا أرجوحة الأبطال..

مرحباً بالموت في سبيل الحرية..

السفاح قال فليتحطم التاريخ على رؤوسكم جميعاً

لكن التاريخ لم يتحطم..

بل كرّس لقب السفّاح على جمال إلى الأبد.

ووصم الامبراطورية العثمانية بالعار الذي تستحقه..

إلى الأبد.

وبقيت أرواح الشهداء ترفرف فوق كل بيت..

وتهب النسغ لجذور كل شجرة..

وتعطي أوراقها أجمل الألوان..

وتنطلق مع شذى كل زهور الوطن..

ومن شوارعه.. وساحاته..

ومن بريق عيون أطفاله..

المجد والغار..

للمشاعل التي أنارت ليل الوطن الأطول..

والأكثر سواداً

وأشارت إلى حيث يبزغ الفجر..

والمجد للوطن الذي أهدته هذه المشاعل أرواحها..

بعشق فريد.. وشجاعة نادرة.

والخزي والعار..

لكل من يحاول إعادة الليل الأكثر سواداً

لهذا الوطن الأكثر جمالاً.