لكل السوريين

مخصصنا المائي.. بين السرقة والجهل

أحمد الابراهيم

إن كافة دول العالم اليوم تبحث عن تحقيق الأمن وإن كلمة الأمن لها جوانب عديدة، وسوف نتطرق في حديثنا عن الأمن الغذائي الذي ال يمكن تحقيقه إلا بتحقيق الأمن المائي، وإن حجم الغذاء المنتج يرتبط ارتباطا وثيقا بكمية المياه المتدفقة.

ولعل هذين العاملين هما حجر الأساس لجميع أنواع الأمن، وهما يحققان ويضمنان استمرارية الدول أو سقوطها، وسنتكلم عن الواقع السوري على وجه الخصوص وخاصة في خضم هذه الحالة غير المستقرة للبلاد، والاقتتال الداخلي والتدخل الخارجي وتأثيره على الأمن المائي والغذائي.

كبداية سوف نتحدث عن الاتفاقيات التي عقدت بخصوص نهر الفرات الذي يعتبر النهر الأهم في المنطقة، والذي يمر بثلاثة دول على التوالي تركيا وسوريا والعراق، حيث كان على طاولة الاتفاقيات لسنوات عديدة بين الدول التي ذكرت وكان أخر اتفاق في عام 1987 المعقود بين سوريا وتركيا.

وغياب الجانب العراقي والذي على أثره أعطى الحق لتركيا بأن تستحوذ على 50 بالمئة من واردات النهر الوسطية السنوية لتعبئة خزان سد أتاتورك لغاية 1993 حتى ملء سد أتاتورك، ثم تعود حصة تركيا للثلث.

وليعلم الجميع بأن أي اتفاق مائي البد أن تكون الجوانب السياسية موضوعة على الطاولة وإن هذا الاتفاق كان محل نقد من الجانب العراقي كونها كانت ترى بأن تدفق 500 م3/ ثا هي غير كافية لضمان سير مشاريعها الزراعية.

وكانت تطالب بأن يكون التدفق 700 م3/ ثا حتى لا يلحق ضرر بالعراق وفي عام 1990 كان هنالك اتفاق سوري عراقي بحيث تأخذ العراق 58 بالمئة من الواردات النهرية الوسطية السنوية بعد الحدود التركية السورية، وتكون حصة سوريا 42 بالمئة.

ويبقى الاتفاق السوري التركي مستمرا والذي أقر بتصريف 500 م3 /ثا، ولكن تركيا لم تفي بوعودها وكان هنالك اتفاق سوري عراقي في عام 1996 قاضي بمطالبة تركيا بتشغيل سد أتاتورك، بحيث تحصل كل من سوريا والعراق على تدفق 700 م3/ ثا.

وللحد من النشاطات التركية وحبسها للمياه الإقليمية وما نستطيع تأكيده بتاريخ اليوم بأن تركيا تقدم الثلث فقط من واردات النهر الوسطية السنوية لكل من العراق وسوريا أو أقل، حيث أن استحقاقهما هو الثلثين مستغلة لظروف الدولتين وهي ساعية في تنشيط برامجها الزراعية في الأناضول جنوب شرق تركيا، وهي الأن تستخدم هذا السد كسالح مائي للضغط على كل من الدولتين السورية والعراقية.

وكناتج للحرب في سوريا والخراب الحاصل في أغلب مشاريع الري وحتى مشاريع مياه الشرب مع نقص المياه قد يؤدي إلى ظهور عجز في تأمين الغذاء وانخفاض منسوب المياه في بحيرة سد الطبقة أصبح ظاهرا للعيان.

لكن المشكلة الأهم التي تواجهنا حاليا هي مشكلة عدم وجود الوعي المجتمعي بما تفعله تركيا من سرقة للمياه الإقليمية وكذلك عدم وجود وعي بترشيد استخدام الخزان المائي المتوفر حاليا، حيث أننا نلاحظ الهدر للمياه في جميع مجالات الحياة سواء كانت الزراعية أو المنزلية أو الصناعية وهذا يوجب علينا أن نتحمل المسؤولية كمجتمع للحفاظ على هذا الكنز الثمين لنحقق الأمن المائي وبالتالي نستطيع تطوير المشاريع الزراعية التي تحقق أمننا الغذائي بالشكل الذي يضمن استمراريتنا والحفاظ على حقوق أطفالنا.

وإن هذا النقص في الوارد المالي قد تسبب بأضرار عديدة ومنها نوعية المحاصيل التي سيتم زراعتها خلال الموسم الصيفي والتي تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه كمحاصيل الذرة الصفراء التي تؤمن العلف للدواجن والزيوت وكذلك القطن.

وهنالك مشكلة في كمية الكهرباء المنتجة للمنطقة حيث ال يمكن تشغيل كامل عنفات السدود والتي بدورها تقوم بتوليد التيار الكهربائي حيث إن تشغيل العنفات سيؤدي إلى خطر كبير في انخفاض كمية المياه الاحتياطية في البحيرة.

ومن الملاحظ أيضا خروج مضخات إيصال مياه الشرب عن الخدمة بسبب تراجع المياه وهذا بدوره يؤثر على الاستقرار الداخلي للمنطقة من جانب عدم توفر أهم جانب من جوانب الحياة وهو المياه، ولكن المفارقة أين المواثيق الدولية وأين الأمم المتحدة من هذا.