لكل السوريين

“رغبة في الهجرة وخوف من المستقبل وتدني الوضع المعيشي”.. ارتفاع ظاهرة العنوسة إلى مستويات قياسية في سوريا

أدت الحرب التي جرت ولا تزال مستمرة في سوريا إلى ارتفاع نسبة العنوسة بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وفقا لتقارير إعلامية تحدثت عن ازدياد هذه الظاهرة.

ولعبت الحرب دورا كبيرا في بروز أسباب العنوسة وارتفاع نسبتها، وأبرز تلك الأسباب دافع الهجرة الذي يراود الشباب السوري لترك البلاد ومغادرتها.

وعلى الرغم من أن العديد من العائلات زوجّت بناتها بتكلفة أقل نتيجة لظروف المعيشة السيئة، فقد أشارت إحصائية جديدة إلى أن هناك أكثر من 3 ملايين فتاة عازبة فوق سن الثلاثين، وأن النسبة المئوية للفتيات اللاتي بقين في منزل أهاليهم ومتأخرات في الزواج بسوريا يشكل الـ 70 بالمئة، وفقا للمعايير الاجتماعية المحلية.

من ناحية أخرى، يهرب الناس من عتب محيطهم ومجتمعهم، ويسارعون لتزويج بناتهم في سن مبكرة للتخلص منهن قبل بلوغهن إلى سن كبير (وفق النظرة المجتمعية)، وبالتالي تقل فرص الزواج لديهن.

ونقلا عن وكالة سبوتنيك الروسية، فإن وزارة الشؤون الاجتماعية التابعة لدمشق كانت قد كشفت في إحصائية لها عن وجود ما يفوق الـ 3 مليون شابة عازبة فوق سن الثلاثين عاما، بالمقابل تراجعت نسبة الزواج بنسبة وصلت لـ 70 في المئة، طبقا للمعايير الاجتماعية في البلاد.

وتعددت أسباب ارتفاع هذه الظاهرة، منها هجرة الشباب وتراجع الوضع المعيشي وتدني مستواه وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، بالإضافة إلى وجود فروق طبقية وثقافية عديدة.

ومن الأسباب الرئيسية أيضا هو رفض قسم كبير من الفتيات الزواج ضمن سوريا بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية السيئة جدا.

وبحسب تقارير إعلامية أخرى، فإن أكثر من 60 بالمئة من الشباب لا يرغبون بالزواج في الفترة الحالية، تخوفا من مستقبل مجهول يحدق بالفئات الشابة، ناهيك عن عدم وجود دخل مستقل يمكن الشاب الراغب بالزواج من تأمين حياة كريمة.

وفي تجمعات المدن الرئيسية تصل نسبة العزوف لأربعين بالمئة، بينما تنخفض في التجمعات التي لا زالت تحافظ على الروابط المختلفة فيما بينها والتي تخفف بدورها من الأعباء المترتبة على الزواج، حيث أن الضغوط المادية لها دور في العزوف، لكن العامل الأساسي هو التفكك الاجتماعي وتحول الحياة إلى فردية، حيث يواجه الفرد المشاكل لوحده.

ويقول باحث اجتماعي، إنه من الصعب جدا وجود حلول في المستقبل القريب، لأن الحالات كثيرة والظاهرة منتشرة في المجتمع، ولكن أقترح أن يكون في سوريا ما يسمى النادي الاجتماعي كباقي الدول في أوروبا أو حتى الإمارات.

موقع “بيزنس 2 بيزنس” المحلي، أشار في تقرير سابق، نقلا عن الدكتور هيثم عباسي، اختصاصي الجراحة النسائية في جامعة دمشق، أن هناك ارتفاعا في معدلات الحمل غير الشرعي والعلاقات المحرمة خلال الفترة الأخيرة بسبب العزوف عن الزواج، فضلا عن الارتفاع الهائل بأعداد النساء مقارنة بعدد الرجال.

ولفت عباسي، إلى وجود نسبة ليست بالصغيرة من عمليات الإجهاض ناجمة عن حمل غير شرعي، وهذا بسبب الظروف الاجتماعية والمهنية، مبينا أن عمليات الإجهاض في سوريا تضاعفت خلال العشر سنوات الماضية، وازدادت بنسبة ألف في المئة، مشيرا إلى “وجود تبعات خطيرة على صحة المرأة من جراء هذه العمليات”.

من جهة ثانية، نقل التقرير المحلي السابق عن المحامي، سامح مخلوف، أن سوريا تحتل المرتبة الثالثة عربيا بعد لبنان والعراق في معدلات العازبين بحسب دراسات أخيرة أجريت عام 2019، إذ وصل المعدل حينئذ إلى 65 في المئة، نتيجة للوضع المعيشي الخانق.

وبحسب الخبراء، فإن الزواج أصبح حلما نظرا لارتفاع التكاليف ما يؤدي إلى اتجاه الفرد لخيارات غير عقلانية، وهذا ما رفع نسبة العازبين/ات إلى 70 بالمئة، معتبرين أن أقل تكلفة زواج ضمن أقل التكاليف تصل لنحو 17 مليون ليرة، وضمن متوسط الأجور للشريحة الأكبر من السوريين فالأمر مستحيل.