لكل السوريين

من بادية حماة.. ماهي قصة السعودات في التراث الشعبيّ؟

حماة/ حكمت أسود 

لم يترك الموروث الشعبي حادثة إلا وربطها بقصة أو مثل تتناقلهُ الأجيال، وكغيره من الأحداث والمناسبات، زخر فصل الشتاء بعدد كبير من القصص والأمثال، ومن أهمها قصة خمسينية الشتاء والسعودات.

تبدأ خمسينية الشتاء في اليوم الأول من شباط، والتي تقسم إلى 4 أقسام تُسمى “السعودات” ومدة كل سعد12 يوماً ونصف اليوم، وافتتاح الخمسينية يكون بسعد الذابح شديد البرودة ويليه سعد بلع ثم سعد السعود، وفي العاشر من آذار سعد الخبايا وفي المورث الشعبي إشارة واضحة إلى شدة البرد في مطلع الخمسينية فقالوا عن بدايتها: “سبعة سم وسبعة دم وسبعة يسيل الدسم”، والسم والدم يعنيان البرد الشديد وسيلان الدسم إشارة إلى تحسن الجو.

ومن الغالب أن يكتفي الناس بالسمع دون معرفة ما قصة هذه السعود وما أصل تسميتها ولكن للعم أبو دياب من قرية “تلّ درة” بريف حماة الشرقي، كلام آخر حيث أوضح بحديثه عن سر هذه القصة فقال:

يحكى في قديم الزمن أن شخصاً اسمه “سعد” كان في طريقه للسفر فنصحه أبوه أن يتزود بالطعام والفراء وقليل من الحطب على ناقته اتقاء لبرد محتمل فلم يسمع نصيحة أبيه ظناً منه أن الطقس لن يتغير كثيراً أثناء سفره لأن الجو آنذاك كان دافئاً ولكن ما أن بلغ منتصف الطريق حتى اكفهرت السماء وتلبدت بالغيوم وهبت ريح باردة وهطل مطر وثلج بغزارة، ولم يكن أمامه سوى ذبح ناقته حتى يحتمي بجلدها من البرد القارس وعندما ذبح الناقة سمي سعد الذابح، وبعد أن احتمى تحت جلد الناقة من البرد دب الجوع في سعد ولم يجد أمامه سوى لحمها للأكل وهكذا كان سعد البلع، وبعد انتهاء العاصفة وظهور الشمس خرج سعد فرحاً من مخبئه بالحياة ومعبراً عن ذكائه في التصرف فكان سعد السعود، وحرصاً منه على متابعة طريقه دون مشاكل قام بصنع معطف له من وبر الناقة وحفظ زادا له من لحمها فكان سعد الخبايا.

كما أن هذه التسميات جاءت بناء على انعكاس أحوال الطقس على الناس فسعد الذابح يعني القاسي لأنه معروف بشدة برودته وسعد بلع لأن الأرض تبلع مياه الأمطار أو بسبب عدم وجود المياه بفعل الرياح وسعد السعود بسبب بدء ارتفاع حرارة الجو وسعد الخبايا تخرج فيه الحشرات والهوام بعد السبات الشتوي.

وسواء كانت قصة خمسينية الشتاء والسعودات صحيحة أم لا، فهي تبقى من تراثنا الشعبي الممتد منذ مئات السنين والذي يحمل العبر والحكم والكثير من القصص.