تقرير/ لطفي توفيق
تتفاقم يوماً بعد يوم معاناة اللاجئين السوريين في البلدان المضيفة لهم بسبب تصاعد خطاب الكراهية في معظم هذه البلدان، وخاصة تلك التي تواجه أزمات اقتصادية ومعيشية كما هو الحال في لبنان، حيث ترتفع حدة التوترات، وخاصة بعد تفجير ميناء بيروت.
وفي ظل تراخي دور الدولة اللبنانية، والمنظمات الدولية، في مواجهة خطاب الكراهية، يتحول اللاجئون إلى أهداف مستباحة، وتسود حالة العقاب الجماعي في مواجهة أية هفوة من أي لاجئ، حتى لو كانت عفوية.
وتنمو ظاهرة العنصرية في التعامل مع اللاجئين، فتضاعف معاناتهم اليومية، وتزيد من تدهور أحوالهم المعيشية. وتتجلى هذه الظاهرة بإقفال باب الرزق في وجوههم، وتضييق سبل البحث عنه. وتصل إلى محاولات قتلهم، وإحراق مخيماتهم وتشريد أسرهم.
حريق في المنية شمالي لبنان
اندلع مؤخراً حريق ضخم في مخيم للاجئين السوريين في منطقة المنية شمالي لبنان، وأتى على كل مساكنه المبنية من مواد خشبية وبلاستيكية داخل المخيم الذي يضم حوالي 75 أسرة سورية لاجئة، وفق وكالة الأنباء الفرنسية.
وذكرت وكالة الأنباء اللبنانية أن عدداً من المواطنين اللبنانيين أضرموا النار في مخيم للاجئين بعد شجار وقع بين أحد أفراد عائلتهم، وبين عمال سوريين، وهو ما تسبب بغضب واسع لدى بعض أهالي المنطقة، وقاموا بإضرام النار في المخيم، وتشريد سكانه.
وأكدت المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، اندلاع الحريق، ونقل الجرحى إلى المستشفيات لعلاجهم.
كما أظهرت مقاطع مصورة بثها نشطاء لبنانيون من المنطقة عبر مواقع التواصل، لحظات الرعب التي عاشها سكان المخيم بعد أن حاصرت النيران مساكنهم.
وقال أحد النشطاء إن بعض اللاجئين “اضطروا لرمي أطفالهم من فوق السور المحيط بالمخيم خوفاً من ألسنة النار والأصوات القوية الناجمة عن انفجار قوارير الغاز”.
تضامن شعبي واسع
سارع مواطنون لبنانيون إلى تقديم مساعدات للعائلات السورية المشردة بعد إحراق المخيم، وانطلقت مبادرة قام بها شابان تبرعا بإعداد وجبات على نفقتهما الخاصة لكل العائلات بعد الكارثة التي حلت بهم.
وتضامن آخرون مع ضحايا الحريق، وعرض بعضهم منازلهم لإيواء العائلات التي تم ترحيلها من المخيم، وسجلوا على “وسائل التواصل الاجتماعي” أرقام هواتفهم للاتصال معهم، ما شكل حالة مميزة من التضامن الشعبي في منطقة المنية خاصة، وفي طرابلس عامة.
كما استنكر وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني هذه الجريمة قائلاً “إقدام بعض الشبان على حرق خيم النازحين السوريين نتيجة خلاف شخصي، عمل إجرامي مستنكر بكل المقاييس”.
وطالب القضاء المختص بـ “إنزال أشد العقوبات بكل من خطّط ونفّذ وشارك في هذه الجريمة”.
وحريق آخر في بشري
وفي شهر تشرين الثاني الماضي قامت مجموعة من أهالي منطقة بشري شمال لبنان بإحراق عدد من منازل السوريين وطردهم منها، بسبب مشاجرة وقعت بين شاب لبناني، وآخر سوري نتيجة لخلاف فردي بينهما، وأدت إلى مقتل الشاب اللبناني.
وأعادت هذه الحادثة الجدل حول أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان، حيث ندد الكثيرون بالحادث ووصفوه بالـ “عقاب الجماعي” للسوريين إثر جريمة ارتكبها شخص واحد.
وانقسم المغردون عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين بين مؤيد لطرد اللاجئين من المنطقة، وآخرون رفضوا تلك الدعوات وصفوها بالعنصرية.
يذكر أن مخيمات اللاجئين السوريين في لبنان قد تعرضت للعديد من عمليات الحرق، حيث اندلع حريق في مخيم للاجئين السوريين بمنطقة الزهراني بقضاء صيدا، شهر أيلول الماضي، والتهم بعض الخيم، ولم يسفر عن خسائر بشرية.
كما شب حريق آخر في شهر آب الماضي، بمخيم للاجئين السوريين في سهل عكار، وأحرقت النيران بعض الخيم، وشردت حوالي مئة شخص بعد ان أتلفت مقتنياتهم ومؤونتهم.