لكل السوريين

نواعير حماة.. تنتظرُ مَن يطلق عنانها مجدداً!

السوري/ حماة ـ لطالما كانت النواعير من أبرز المعالم التاريخية والأثرية التي تميّزت بها مدينة حماة، حيث شكّلت في القديم عصب الحياة لهذه المدينة العريقة، فقد أوكلت إليها مهمة ريّ البساتين والبيوت.

وبعد أن توقفت النواعير عن أداء مهامها بفعل التقدّم العلمي، تحولت إلى مزار سياحي شكّل الدافع الأساس للسوريين في باقي المحافظات والسياح من العرب والأجانب لزيارتها، لكن بعد سنوات الحرب توقفت نواعير حماة عن العمل في أبريل 2015، بسبب إهمالها من قبل الجهات المعنية، وعدم إطلاق المياه في نهر العاصي، مع محاولة غير فعليّة من مجلس مدينة حماة لإعادة ترميم هذه النواعير على أمل أن تجمع السياح بعد أن عاد إليها السوريون خاصة في فصل الربيع القادم.

ويسمع الحمويون بين فترة وأخرى عن خطط لتأهيل النواعير والمنطقة التي تجاورها، وتنظيف مجرى النهر الذي تفوح منه الروائح الكريهة وأصبح محط للقمامة والأوساخ لفترة طويلة، مما شوّه المنظر الجمالي لإحدى أهم المعالم الرئيسة في المدينة وهي ساحة العاصي.

الساحة التي كانت مقصداً لكل زائر لرؤية النواعير والاستمتاع بمنظر نهر العاصي، والجلوس بأحد المقاهي المطلّة عليه، والتي أصبحت اليوم خياراً غير مرغوب به لدى الزوار بسبب المناظر والروائح الكريهة المنبعثة من المياه.

يأتي ذلك مع حالة عدم اكتراث من قبل مجلس المدينة وجميع الجهات المعنية بالتعامل مع صرح أثري وجمالي كـ “النواعير”، فالإهمال واضحٌ وجلي لجميع سكان المنطقة.

وكان للنواعير مهام ووظائف متنوعة في القديم، فهي تؤمن المياه وتستعمل لريّ الحقول والبساتين والمرافق المختلفة، وقد استفاد الناس من قوتها المحركة في إدارة المطاحن، ويطلق عليها عبارة (خدام ببلاش)، كونها لا تحتاج، كي تعمل، سوى إلى الرياح فهي لا تتعب ولا تملّ من خدمة الإنسان، ليلا ونهارا، وفي كل الفصول.

وتتألف الكبيرة منها والصغيرة من محور أفقي تتصل به أنصاف أقطار تشكل دائرة يوجد على محيطها أوعية أو دوارق، وهي غالبا من الخشب وتتراوح أقطارها بين ثلاثة أمتار إلى العشرات من الأمتار وتصدر النواعير أصواتا تسمع من مسافة كبيرة ويسمى صوتها “النعير”، وكان صوت هذه النواعير يُسمع على مسافات بعيدة داخل المدينة وباستمرار، حيث اعتاد السكان على هذه النغمات وأصبحت ملازمة لهم ولذكرياتهم.

وتبقى النواعير لوحة فنية وأثرية غاية في الجمال تحتاج لمن يرجعها لتنبض بالحياة، إذ أنّ منظرها على حوافي نهر العاصي، والمياه المتساقطة في صوت صار مألوفاً، والإضاءة المتقنة لها ليلاً، حوّلها إلى مظهر جمالي أخّاذ، ولكنّ شوقها للسياح مازال قائماً، فهل يأتي من يعيد ألقها؟!.

تقرير/ حكمت أسود