لكل السوريين

اجتماع الرياض لمحاربة داعش.. الكل موجود عدا من حاربها

حاوره/ مجد محمد

في الاسبوع المنصرم استضافت السعودية في الرياض الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، لاتخاذ اجراءات من شأنها انهاء هذا الملف ضمن السبل الممكنة ودرء مخاطر انفجار الاوضاع في شمال وشرق سوريا، في ضل استمرار تهديدات الاحتلال التركي، لكن ان يتم الاجتماع دون حضور الحليف الذي قاتل داعش في ارض الميدان وهم قوات سوريا الديمقراطية، هذا ما يفتح الباب امام التشكيك في النوايا الاقليمية في هذا السياق.

ولمعرفة التفاصيل والانعكاسات وتأثير ذلك، عقدت صحيفتنا لقاءا مطولا مع الكاتب والباحث فؤاد الاحمر، ودار الحوار التالي:

*استاذ فؤاد مرحبا بك بداية، عن الاجتماع وانعقاده دون حضور قوات قسد التي حاربت داعش على الارض، كيف تقرأ هذا التغييب ومن يقف وراءه؟

اهلا بك، ان انعقاد اي اجتماع من شأنه القضاء نهائيا على ارهاب داعش هو خطوة ايجابية، لكن اي اجتماع او اي خطوة بخصوص هذا الملف المعقد من مخيمات ومعتقلات جميعها في مناطق قسد بشمال وشرق سوريا، فأن عدم تواجد ممثلين من مناطق شمال وشرق سوريا في اي خطوة او اي اجتماع او حدث سيكون هناك نقص في حل الملف وعدم الوصول إلى النتائج المرجوة او النتائج الايجابية، الاجتماع الذي حدث في السعودية وعدم مشاركة قوات قسد او الادارة الذاتية فيه، بكل تأكيد سيكون مثله مثل اي اجتماع يهمش مناطقنا سواء على الصعيد العسكري او السياسي، مثل استانة وجنيف كلها بائت بالفشل بسبب عدم مشاركة قسد او الادارة الذاتية فيها برغم تواجد دول كبيرة وضامنة فيها، لكن القوة الفعلية على الارض هي لقسد والادارة الذاتية، كنا نتمنى وجود ممثلين عن ابناء المنطقة في الاجتماع المذكور للوصل إلى نتائج ايجابية للقضاء على قسد وهذا ما نريده نحن لحل هذه القضية بشكل جذري.

*معتقلين داعش في مراكز الاحتجاز، ونسائهم وأطفالهم في المخيمات، فلا يخضعون لمحكمة دولية، ولا دولهم ترغب بإعادتهم، والعبء كله على الادارة الذاتية، اين الشركاء والتحالف الدولي عن هذا في ضل عقد اجتماعات من هذا النوع؟

كل هذا العبء الذي بدأ من مدينة كوباني بداية حتى مدينة الباغوز نهاية كان على عاتق قوات سوريا الديمقراطية بمساعدة التحالف الدولي، لكن ما نقوله اليوم لحل مشكلة داعش بشكل جذري هو ان القوى العسكرية لا تكفي إلى الوصول لنتائج ايجابية، فالمحور العسكري قامت به قسد وانتهى، لكن هناك عشرات الملفات والمحاور المتعلقة به والتي تتطلب تكاتف جميع الشعوب وجميع الحكومات وجميع القوى التي تحارب هذا التنظيم ، فتهميش زاوية على حساب اخرى لن يحل القضية، ولن يصلون في الاجتماع إلى حل جذري، فالمساعدة العسكرية لا تكفي، فهناك موضوع المخيمات موضوع معقد فيوجد بها اكثر من ٥٤ جنسية من انحاء العالم منهم اكثر من ٣٠ الف شخص من العراق فقط، فإذا لم يكن هناك تكاتف ولم يكن هناك ممثلين من الادارة الذاتية وقوات قسد في هذا الاجتماعات بالتأكيد سوف تبوء بالفشل، وعن تغييبهم أضن ان هناك ضغط دولي من بعض الاطراف مثل تركيا وروسيا والنظام السوري والفيتو القطري، فكل هذه الجهات تحاول الضغط على القوى الاقليمية لعدم التعامل مع الادارة الذاتية وقوات قسد رغم ان الجميع يعلم بأن قوات قسد هي القوى الوحيدة التي تستطيع حل هذه المشكلة بشقيها السياسي او العسكري

*مخيمات داعش كالقنابل الموقوتة في المنطقة، ومراكز اعتقالهم خطورتها فائقة جداً، وخلاياهم النائمة تنشط بين مدة واخرى، إلى اي مدى سيستمر هذا الخطر؟

ان تكلمنا عن الثلاثة الاشهر الاخيرة فقط، نلاحظ ان وحدات مكافحة الارهاب كافحت ١٢ خلية لداعش في شهر ايار فقط، فنلاحظ بهذا ان خلايا التنظيم لا تزال نشطة وزادت من وتيرة نشاطها بشكل ملحوظ، وهذا يدل انه في ضل تهميش قسد والادارة الذاتية من قبل المجتمع الدولي، فأن التنظيم بات يريد اعادة ترتيب اوراقه والقيام بعمليات جديدة، فلولا تصدي قوات قسد له خلال الاشهر الثلاثة الماضية خصوصاً، لكنا رأينا هناك العشرات من العمليات الارهابية في المنطقة، فهذا الشيء يدل على تخاذل من المجتمع الدولي وهذا ما تستفيد منه داعش، ناهيك عن الدعم المباشر من قبل الاحتلال التركي للتنظيم، فالمجتمع الدولي بتصرفاته هذه لا ينظر إلى قضية داعش بجدية كبيرة وهذا سيؤثر سلبا على جميع الحكومات وجميع الشعوب وليس فقط على ابناء شمال وشرق سوريا

*من المستفيد من ابعاد قوات سوريا الديمقراطية عن هذه الاجتماعات؟

الاجتماع بطبيعة الحال جاء متأخراً جدا، فكان يجب عقد هذا الاجتماع منذ سنوات، ولما جاء وانعقد، عقد منقوصاً بسبب استبعاد قسد والادارة الذاتية كونهم القوى الوحيدة التي حاربت ولازالت تحارب داعش، فهناك قوى اقليمية منعت حضور قسد الاجتماع كما ذكرت لك سابقاً وخصوصا تركيا راعية الارهاب، فهي تريد افشال الاجتماع اساساً، فلو حظر ممثلين عن الادارة الذاتية او قسد لكان نجح الاجتماع نجاحا باهراً وبالتالي ستنهزم تركيا راعية الإرهاب في المنطقة وتفشل في اعادة بناء سلطنتها العثمانية

*بعد هذا الاستبعاد، هل ستستمر العلاقة بين قسد والتحالف الدولي كما كانت في السابق، ام انه ستستمر تركيا وحلفاؤها في وضع العصي في العجلات في التعاون بين قسد والتحالف لمحاربة تنظيم داعش؟

التحالف الدولي من خلال بيان له اكد على التحالف والتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية لمحاربة التنظيم، وهذا التنظيم لايزال موجود بقوة ولديه ايديولوجية وفكر ولديه عناصر ولم ينتهي كما يتم الترويج له، فالتحالف الدولي لن يتخلى عن اداء واجبه اتجاه قوات قسد كون هذه القوات هي الوحيدة التي لديها الخبرة والإرادة القوية لمحاربة التنظيم

*عندما يتعلق الامر بالاجتماعات يقولون ان الامر يتعلق بالحكومات، وعند الحرب على ارض الواقع تقع الانظار على قوات سوريا الديمقراطية، أليست هذه ازدواجية بالمعايير؟

نعم، الدول الموجودة في المنطقة هي ايضا شريكة بالجرائم الارهابية التي ارتكبت بحق الشعب، فالنظام السوري فتح ابواب سجونه لخروج الارهابيين وانضمامهم لداعش، وتركيا فتحت مطاراتها ومعابرها لتدفق الاف الارخابيين وانضمامهم لداعش، وكذلك العراق تساهلت كثيرا لذلك مع الاسف التحالف الدولي يجب ان يكون لديه موقف واضح وصريح اتجاه هذه الانظمة التي هي شريك الارهاب، فقوات قسد التي هي من ابناء المنطقة ودافعوا عن انفسهم بأسلحة بسيطة، اليوم اصبحوا قوة على الارض بفضل ارادتهم القوية، فبتصوري التحالف الدولي سيكون لديه استراتيجية مستقبلية لدعم قوات قسد، ولن يتم التخلي عنها

* في ضل الاجتماع، قوات سوريا الديمقراطية في محل نقاش الآن؟

دول التحالف الدولي والتي تتكون من حوالي ٨٥ دولة الذي تم تشكيله في عام ٢٠١٤ لمحاربة داعش، يجتمع من فترة إلى اخرى في عدة مناطق وفي اجتماعات بروكسل واستانة وما غيرها، ومن ثم اجتماع الرياض، قوات سوريا الديمقراطية هي تنظيم عسكري ولكن للواقع لا يوجد اعتراف دولي لهذا التنظيم ليكون ذراع ممثل كدولة لأنه يغضب حكومة سوريا ودول الجوار من العراق وتركيا وايران بصفة انه تنظيم تصبغ عليه الملامح الكردية يسعى لإقامة كردستان حسب زعمهم، فالتحالف الدولي لا يريد ان يدخل في مناكفات مع الدول بسبب ادخال قوات قسد للاجتماع، نعم قسد حاربت داعش على ارض الواقع فيجب عليهم على الاقل حضور الاجتماع وتقديم اقتراحات بغض النضر عن الامور السياسية الأخرى، فأن لم تكن قسد محل نقاش الآن ستكون محل نقاش في المستقبل بكل تأكيد، فالعودة دائما لأرض الواقع وهذه حقيقة لن يتم تجاهلها والتغافل عنها

*ختاماً، يقول المثل “اهل مكة ادرى بشعابها”، فقوات سوريا الديمقراطية هم ادرى بتكتيكات وقتال داعش وعملياته العسكرية وقدراته، كونها تقارعه في كل يوم على مدار سنين، الاستبعاد المتعمد لقوات قسد من الاجتماع كيف سيؤثر على مستقبل محاربة تنظيم داعش؟

قوات سوريا الديمقراطية هذا واجبها، فهي تدافع عن بلدها وعن شعبها، وهي لا تنتظر دعوة من احد، وهذه الدعوات والمؤتمرات، حتى الدول الراعية ملت منها فهي لا تزيد ولا تنقص شيء، فالحرب دائما يصنعها قادتها وابطال الميدان، ولا تصنعها المؤتمرات والتنسيقات، فالاجتماعات كلها دبلوماسية وكل طرف يبحث عن مصالحه، فالدول الغربية وامريكا هي تريد اضعاف داعش ولا تريد إنهائه لأنه من مصلحتها وجوده في المنطقة وهذه حجة لها للبقاء في المنطقة لأطول فترة ممكنة، فالمنطقة فيها مضاربات عديدة مصالح روسيا تتعاكس مع مصالح امريكا ومصالح ايران تتعاكس مع مصالح تركيا ومصالح قسد تتعاكس مع مصالح النصرة وغيرها، فقسد لا تأبه بكل هذه الاجتماعات ما دام الغرض الاساسي هو مهمة الشعب، فالميدان هو لقسد وهي الاقوى مازالت ممسكة بزمام الامور رغم امكانياتها الضعيفة، لكن كل الطرق ستؤدي اليها إذا ليس اليوم، فغداً بالتأكيد.