لكل السوريين

اطفال اللاذقية بين التعليم المتدني وسوء الاحوال المعيشية

اللاذقية/ سلاف العلي

أصبحت ظاهرة عمالة الأطفال باللاذقية منتشرة بشكل واسع ومقلقة جدا وزادت بعد نتائج الزلزال الكارثية في المحافظة وفقدان قسما الأهالي وخسارة العديد من المنازل وعدم القدرة والأمان للعودة الى البيوت القديمة، وضياع الأهالي او من بقي حيا مع أطفالهم وبعض الأطفال الذين بقوا بلا اهل ولا مآوي ولا مدارس ولا تعليم، وأصبح الهم الأساسي هو الاستمرار بالحياة مما يتطلب مصروفات وتكاليف والضحايا لم يستفيدوا الفائدة الأكبر مما سمي بالإغاثة والمساعدات الا وقتيا.

عندما يأتي الطفل باحثا عن عمل فيلاقي الشفقة والرحمة وان الامر أفضل من الشحادة او السرقة او ارتكاب موبقات لكن بالتأكيد لا أحد يهتم ان المدرسة والتعليم اهم من الشغل او إيجاد سبل أخرى تساعد على جعل هؤلاء الأطفال في طريق امن ومستقبل أفضل لهم ولوطنهم، كل من يحاول استعمال طفل في عمل ما، لا يتعامل معه الا اجير او عبد وبأعمال شاقة او مهينة وأحيانا خطرة، ورب العمل لا يهمه ذلك، ما يعنيه فقط نتيجة عمله لا أكثر ولا اقل ولا يهتم لا بصحة الطفل ولا بتعليمه ولا باي شيء يفيد الطفل مستقبلا، ويستغل حاجة الطفل وأهله اذا كان له اهل ويستغل الأوضاع المعيشية والاقتصادية السيئة التي يعاني منها الأهالي.

المدرسة تمارا قالت لنا: إن عشرات الأطفال توجهوا خلال الفترة الماضية إلى سوق العمل بهدف إعالة عائلاتهم الفقيرة والمحتاجة وتقديم بعض المساعدة المالية لهم على الرغم من الانخفاض الكبير في الأجور التي يتقاضونها، لقد توجه الكثير من الأطفال البحثين عن شغل الى المدينة الصناعية والى الورشات الصناعية في اللاذقية ، واشتغل قسم كبير منهم في اعمال خطرة وغير مناسبة لهم وتعرضوا الى صعوبات عديدة اثناء العمل في هذه الورشات  التي لا تلائم أجسادهم وبنياتهم غير المكتملة، فقسم من الأطفال اتجهوا للعمل في ميكانيك السيارات والتشحيم وفي النجارة والحدادة في حين اتجه عدد آخر منهم للعمل في جمع الحديد ومخلفات الأبنية المهدمة لصالح هذه الورشات مقابل أجور زهيدة جدا.

أبو عبد القادر السيد خالد صاحب ورشة حدادة كبيرة في المدينة الصناعية قال لنا: إنه قام بتشغيل ثلاثة فتيان دون عمر ال18 وما قطعوا دفتر خدمة العلم حتى الان ومعهم سنتين الى ثلاث سنوات، ويتقاضون أجور مقبولة وليست مثل أجور المعلمين القدامى في الورشة لانهم ليسوا معلمين ويتعلمون الصنعة ويأخذون رواتب بدلا من ان يدفعوا ثمن تعليمهم المهنة، واجورهم قليلة قياسا بالأجور التي يتقاضاها العاملون والمعلمون الأكبر عمرا في الورشة ذاتها، اجبرت على تشغيل هؤلاء الشباب شفقة ورحمة وطمعا برضاء رب العاملين لان اهاليهم يعانون من فقر كبير ووضع معيشي مأساوي وليس لديهم منازل ويعيشون حتى الان في مراكز إيواء، ولذلك اضطررنا لتشغيل أولادهم في محاولة لمساعدتهم على إعالة ذويهم وأضاف ان الأوضاع صعبة على الجميع ونريد ان يمشى عملنا فانا أيضا لدي اسرة كبيرة ولدي التزامات عديدة ولا يوجد أي شيء رخيص، الوضع الاقتصادي سيئ جدا  والعائلات الفقيرة  ليس امامها الا توقيف أبنائها عن الدراسة وإرسالهم للعمل وخاصة تلك التي فقدت معيلها في الحرب او في الزلزال، وترتفع نسبة الخطورة في الأعمال التي يمارسها هؤلاء الأطفال كلما زاد الأجر حيث تعرض عدد كبير من الأطفال إلى إصابات خطيرة أثناء ممارستهم أعمالا شاقة وصعبة غير ملائمة لسنهم.