لكل السوريين

يفتعل الأزمة لتسويقها انتخابياً، ويتراجع رئيس النظام التركي عن قراره

تقرير/ لطفي توفيق  

بعد يومين من إعلانه أنه أمر بطرد سفراء عشر دول غربية “بأسرع ما يمكن”، تراجع رئيس النظام التركي عن تنفيذ قراره.

وبرر تراجعه السريع بأن السفراء الغربيين الذين دعوا للإفراج عن عثمان كافالا “تراجعوا” عن موقفهم، وسيكونون “أكثر حذراً في المستقبل”.

وذكرت وسائل إعلام حكومية تركية أن أردوغان فسر تدوينات السفارات الغربية على موقع التواصل الاجتماعي بشكل “إيجابي” واعتبر أن تدويناتها أكدت على امتثالها للاتفاقيات الدولية، وعدم تدخل الدبلوماسيين في الشؤون الداخلية لبلاده.

وأشار أردوغان إلى أنه “سيخفف من حدة الخلاف الدبلوماسي الذي هز الليرة التركية، وأوشك أن يؤدي بعلاقات تركيا مع حلفائها الرئيسيين في الغرب، ومن بينهم الولايات المتحدة، إلى حافة الانهيار” حسب وكالات الأنباء.

وكان سفراء ألمانيا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد، قد أصدروا بياناً مشتركاً دعوا فيه للإفراج عن الناشط المدني عثمان كافالا، المحتجز في الحبس الانفرادي منذ أربع سنوات بتهم “غير مثبتة بالكامل، ولكن يعاد استخدامها إلى ما لا نهاية”.

صحف أردوغان تشيد بقراره

أشادت الصحف التركية التي تدور في فلك رئيس النظام التركي بموقفه بوصفه “نجاحاً دبلوماسياً”.

وأشارت صحيفة “صباح” اليومية إلى أن أردوغان علّم “السفراء غير المعتدلين وأصدقاءهم في بلادهم، درساً تاريخياً”.

فيما ذكرت صحيفة “حرييت” على صفحتها الأولى أن الرئيس بعث برسالة واضحة إلى الدبلوماسيين.

ونشرت صحيفة “تقويم” صور المبعوثين الدبلوماسيين، وكتبت “لقد خضعوا جميعاً في أسبوع واحد”.

وفي المقابل، اعتبرت الصحف التركية المعارضة أن أردوغان افتعل الأزمة ليسوق صورته كقائد وطني حريص على مصلحة بلاده، ليستثمر هذه الصورة في الانتخابات القادمة، وشككت في نجاحه.

وأشارت صحيفة “جمهورييت”، إلى أن الحكومة تكبدت خسارة كبيرة في عدد الناخبين،

وأضافت “يكاد يكون من المستحيل محو طابع زعيم أفقر البلد، وجعله عاطلاً عن العمل، وختم على قيمة العمل والعملة الصعبة، ستظل الحكومة تلعب دوراً كبيراً في خلق أزمة خارجية في المستقبل”.

ردود فعل داخلية

أيدت أوساط مقربة من الحكومة خطوة رئيس النظام التركي، وانتقدتها أحزاب المعارضة، واعتبرتها “تغطية من قبل أردوغان على الأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد”.

واعتبر حزب الشعب الجمهوري المعارض أن أردوغان “استهدف بتصريحاته حول السفراء اصطناع أجندة لشغل الرأي العام عن الوضع الاقتصادي المتدهور للبلاد”.

وهاجم رئيس الحزب أردوغان بقوله “الشخص الذي جر البلاد إلى الهاوية، أمر بإعلان 10 سفراء غير مرغوب فيهم هذه المرة”، وذكر أن هدف هذا الإجراء “ليس حماية المصالح الوطنية، لكن لخلق أسباب مصطنعة لتبرير تدهور الاقتصاد الذي تسبب في تدميره”.

وطالب أردوغان بالنظر إلى “طاولات طعام الأتراك الخاوية، ومعاناتهم من الغلاء”.

ونقلت الصحف التركية رأي شخصيات سياسية تصنّف على أنها حيادية، ومن بينها الرئيس السابق لتركيا عبد الله غول، الذي قال في حديث لصحيفة سوزكو المعارضة: “ما تم فعله غير مقبول”.

وأضاف: “إنه يمهد الطريق لأزمات أخرى، ولا بد من ترك هذه المهمة لوزارة الخارجية، وعدم الكشف عن مشاكل جديدة، وعدم نقلها إلى نقاط حيث لا يوجد مخرج”.

ردود فعل دولية

هاجم رئيس البرلمان الأوروبي قرار أردوغان، وذكر في تغريدة له على تويتر “يعتبر طرد سفراء 10 دول مؤشراً على التوجه الاستبدادي للحكومة التركية”.

ودعت الأحزاب السياسية في ألمانيا إلى فرض عقوبات على تركيا ووقف استيراد منتجاتها، وتصدير المنتجات الدفاعية إليها، رداً على تصريحات أردوغان.

وطالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني بفرض عقوبات على تركيا في حال استمرت في انتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع.

وذكر أن تركيا لا تنفذ أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في قضية عثمان كافالا.

“وإذا تمسكت تركيا بعدم الرغبة في تنفيذ هذه الأحكام، فإن الطرد من مجلس أوروبا أمر لا مفر منه”.

وقال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للتحالف المسيحي الألماني، في تصريحات إذاعية “كان من الصواب أن يبني أردوغان جسرا يمكنه السير عليه”، وأعرب عن ثقته في أن تركيا ستقترب من أوروبا على المدى الطويل وفي ظل حكومة “مختلفة عن حكومة أردوغان”.

في حين اعتبرت “مجموعة أوراسيا” أن أردوغان يواجه خطر “جر الاقتصاد التركي إلى أزمة من صنع الرئيس”.

يذكر أن أردوغان يسوّق انتهاء الأزمة كانتصار له ضد الغرب، وأنه أجبر القوى العظمى على التراجع، لصرف الانتباه عن المشاكل الاقتصادية التي تمر بها بلاده، وترسيخ تحالفه مع الإسلاميين الجدد والقوميين المتطرفين، واستعادة بعض شعبيته التي انخفضت بشكل غير مسبوق حسب استطلاعات رأي حديثة.