لكل السوريين

ما بين وصفات الأنترنت والصيادلة؛ لازال البحث عن أجور عادلة للمعاينات

طرطوس/ أ ـ ن

السيد ميشيل وهو مخبري في أحد المخابر بطرطوس، والسيد عمر وهو ممرض في مشفى الباسل قالا لنا: الفوضى في موضوع التعرفة الطبية، وتفاوتها بين طبيب وآخر، سببها المباشر عدم إصدار أي تعرفة طبية منذ عام 2012، وبحسب قوانين وزارة الصحة، فإن تكلفة المعاينة الطبية 700 ليرة سورية، وهي لم تعدل منذ ذلك الوقت، علما أن الدولار كان حينها بنحو 70 ليرة، وأشاراً إلى أن البحث ما زال جارياً لإصدار تعرفة عادلة بين الطبيب والمريض، لكن على ما يبدو أن المعادلة ليست سهلة وهي معقدة باعتبار أنه يوجد حصر في تصنيف الأطباء إضافة إلى أخذ المناطق بعين الاعتبار وغيرها من هذا الأمور.

والممرضة السيدة خولة  وهي رئيسة التمريض في مشفى التوليد أشارت إلى أنه تمت الموافقة على تطوير تقرير الولادة ليصبح هذا التقرير عبارة عن فحص كامل وشامل للأطفال حديثي الولادة تتم إما من المشفى الذي تمت فيه الولادة أو من أي طبيب أطفال وذلك خلال 15 يوما من تاريخ ولادة الطفل، وبالتالي فإن التقرير لم يعد ورقة روتينية عادية، وأن فائدة هذا الموضوع لكشف الأمراض التي من الممكن أن تصيب الأطفال باعتبار أن الفحص شامل إضافة إلى أن ذلك يساعد في إحداث بيانات تسهم في موضوع إعداد الدراسات والوقاية من الأمراض الخلقية والوراثية التي من الممكن أن تكون على المدى البعيد, لأنه في الفترة الماضية كان التقرير عبارة عن ورقة عادية، أما حاليا فقد اختلف الموضوع فالتقرير أصبح يتناول كل التحاليل الخاصة بالطفل، ومن هذا المنطلق أصبح هذا التقرير يخدم صحة الطفل من خلال الكشف عن الأمراض الوراثية مما يوقي من المضاعفات والاختلاطات.

وحول تقرير ما قبل الزواج بينت السيدة خولة أن الذي تم رفعه هو قيمة التحاليل التي تتم للخاطب والمخطوبة ما قبل الزواج وهي تحاليل كثيرة وليست بالقليلة، وهي مكلفة وعلى الرغم من ذلك فهي رخيصة في مراكز ما قبل الزواج إذا ما قورنت بالتحاليل التي تتم في المخابر الخاصة، إضافة إلى أنها تحاليل ضرورية جداً.

حيث أن الهدف من تقارير الزواج الحد من الزيجات التي فيها خطورة على الأولاد وبالتالي التقليل من الأمراض الوراثية مثل التلاسيميا وغيرها من هذه الأمراض، مشيرة إلى أن الوقاية من هذه الأمراض يحافظ على الأسرة إضافة إلى تخفيض التكاليف الاقتصادية التي تصرف على هذه الأمراض.

السيدة سهى وهي موظفة حكومية اخبرتنا ان ابنتها وعمرها تسع سنوات أصابتها سخونة عالية مع سعال فذهبت إلى أحد الصيادلة، حيث يقيم بالقرب من مؤسسة المياه، وبعد ان شاهدها أخبرني بأن ابنتي تعاني التهابا في البلعوم، ووصف الصيدلاني لي الدواء وباعني إياه مع علبة خافض حرارة، والحمد لله ارتاحت البنت ، وقد دفعت ثمن أدوية 25 ألف ليرة سورية، ولو أنني اخدتها الى طبيبة أطفال او طبيب مختص لدفعت 50 ألف ليرة على الاقل بدون سعر الدواء، فأجور الأطباء في منطقتنا تتراوح بين 35 ألفا و50ألف ليرة، حسب نوع واختصاص الطبيب.

السيدة غالية المهندسة المدنية علقت على امر المعاينات قائلة: تتفاوت معاينة الأطباء في طرطوس، بحسب خبرة الطبيب وشهرته، إضافة إلى مكان وجود عيادته، فتنخفض الأجور في المناطق الشعبية، وتكون متوسطة نوعا ما في مناطق أخرى مثل البرانية، إذ يبلغ متوسط المعاينات نحو 35 ألف ليرة، في حين تزيد بقليل في شارع الحمرات وسط المدينة لتصبح 40 ألفا بالمتوسط، وترتفع أكثر في شارع المشبكة حيث تصل إلى نحو 50 الى 60ألف ليرة.

السيد أبو صالح مساعد مهندس ويعمل في بلدية طرطوس المدينة يؤكد انه: في معظم الأحيان يلجأ الأهالي إلى الصيدلاني، خصوصا في حالات ارتفاع الحرارة أو أعراض الإسهال وجميع الأعراض الأخرى التي يرونها بسيطة، بينما يضطرون للذهاب إلى طبيب حين يعانون أعراضا أكثر خطورة، مثل وجع المفاصل أو حالات الإغماء والألم عند عضلة القلب، وزادت أجور المعاينات بعد زيادة الرواتب في سوريا منتصف آب الماضي، إذ كانت تتراوح بين 15 ألفا و25 ألف ليرة فقط، في حين لا يتجاوز متوسط الرواتب الحكومية في سوريا 186 ألف ليرة.

السيدة اعتدال وهي مهندسة معلوماتية اخبرتنا انها تتابع حملها الثاني عند طبيب نسائية، وارتفعت معاينته من 30ألفا إلى 40ألف ليرة بعد زيادة الراتب، وهي لا تملك من أمرها شيئا، وتضطر لزيارته مرة شهريا للاطمئنان على صحة طفلها، وأضافت: إنها تدفع شهريا لقاء المعاينة الطبية والفيتامينات التي تتناولها نحو100ألف ليرة، وتؤكد لا يوجد عدالة أن يرفع الطبيب أجرة معاينته بهذه الطريقة، وهو يدرك الصعوبات المعيشية التي يعانيها الناس، والتي تجعل بعضهم غير قادرين على التفكير بزيارة الطبيب، إلا حين يصبح الألم مبرحا دون أن يحتملوه.

والسيدة ام فواز السبعينية اخبرتنا: إن ألم ركبتيها يزداد في فصل الشتاء بشكل لا يطاق، ولا تذهب الى الدكتور، وتكتفي بمطالبة أولادها بشراء علبة مسكن من الصيدلية، إضافة إلى تطبيقها وصفة شعبية بدهن الركبتين بزيت الزيتون، ولفهما جيدا بقطعة قطنية ومشد، وتداري ألمها أمام زوجها المتقاعد وأولادها الذين يعيشون بالقرب منها في إحدى قرى ريف الدريكيش، كي لا تحملهم فوق طاقتهم بزيارة طبيب العظمية، وتكابر غصون على ألمها وتخبر أولادها أنها ترتاح بعد تطبيق تلك الخطوات، إلا أن حالتها تتفاقم لدرجة تعجز فيها عن تحريك ركبتها خلال أيام البرد الشديد، التي تجلس فيها داخل فراشها لعدم وجود أي وسيلة تدفئة في المنزل، الا ان زوجها يعاني مشكلات قلبية، أجبرته على تركيب شبكة قبل عامين، ويحتاج إلى زيارة طبيبه في مدينة طرطوس بشكل دوري، الذي ارتفعت أجرة معاينته حاليا إلى80 ألف ليرة بعد أن كانت 50 ألفا قبل الزيادة.

وأضاف ابنها الشاب هيثم وهو طالب سنة رابعة حقوق وقال: تعتبر معاينات أطباء القلبية هي الأكبر، كون المريض يجري لديهم تخطيطا للقلب وتصوير إيكو، وكل هذا يحتاج إلى تشغيل المولدات التي تعمل على المازوت المرتفع الثمن، لغياب الكهرباء نتيجة التقنين القاسي، فهي لا تأتي سوى بمعدل ساعتين بأفضل الأحوال خلال الـ 24 ساعة، وأشار الى انه :  في الدريكيش يبلغ متوسط أجور معاينات أطباء العينية نحو 35 ألف ليرة، ربما تزيد بقليل لدى بعضهم، والقلبية من 70 ألفا إلى 100 ألف ليرة، والنسائية بين 40ألفا و 70ألف ليرة، والغدد بين 35 ألفا و45 ألف ليرة، والأطفال بين 25 ألفا و40 ألف ليرة، والعظمية بين 35 ألفا و50 ألف ليرة.

السيدة منيرة موظفة بطرطوس اخبرتنا: على الانترنت والفيسبوك تنشط عديد من المجموعات الطبية التي تقدم خدمات مجانية للمرضى، من بينها إمكانية الاستشارة الطبية، ويتم وضع سؤال من قبل أحد المرضى، يتضمن وصف المشكلة، مع صور أو تحاليل، ليقوم أحد الأطباء المختصين بتوجيه المريض، إما لضرورة الذهاب إلى طبيب مختص، وإما إلى وصف دواء مناسب للحالة، ورغم خطورة الأمر أحيانا، فإن كثيرا من الأشخاص يجدون في هذه المجموعة حلولا أقل تكلفة لمشكلاتهم الصحية.