لكل السوريين

سوريا.. أزمة اقتصادية ومشروع انتخابات وقطع مياه و كورونا وماذا بعد؟!

اياد الخطيب

منذ انتشار جائحة كورونا عالمياً خرجت علينا عشرات بل مئات التقارير والمقالات التي تحدثت عن انهيار أنظمة وصعود أنظمة وعن فشل الرأسمالية العالمية وأصبحت الكثير من أنظمة الدول في العالم مهددة بالانهيار، وأصبح التعاطي مع الجائحة فيه الكثير من التنظير بين الأنظمة وموضوع خلاف وسجال مع كافة التوجهات العالمية للأنظمة بل تجاوز هذا الحد ليصبح في بعض الأحيان مادة للسخرية، وقال بعض المحللين أنَّه كشف وعرّى النظام العالمي الرأسمالي البعيد عن الإنسانية  والذي تُبنى أهدافه وغايته فقط على مبدأ الكسب والربح وتكديس المال، وفضحت التقارير مدى التفاوت الطبقي داخل الأنظمة نفسها ومدى استغلالية الطبقات لبعضها البعض في ظلّ هذه الجائحة بعيداً عن كل المعايير والشعارات التي يطلقونها.

أحببت في البداية أنْ أنوه إلى ما نتج عن انتشار هذه الجائحة عالمياً بالعموم لانتقل إلى تأثير هذه الجائحة على الوضع السوري المثقل بكل أنواع المنغّصات سابقاً، فالمواطن السوري الذي أصبح أبعد ما يمكن عن كلّ المعادلات والحسابات السياسية في سوريا هو دائماً الدافع الرئيسي لكلّ فاتورة تتعلق بالشأن السوري وهو الضحية الأولى لكلّ ما يحدث أو يطرأ على الأرض، منذ بداية الأزمة السورية كان المواطن السوري في محورها ومحور أحداثها وللأسف كلّ القرارات الدولية و المتغيرات المحلّية على الأرض كان لها انعكاساتها السلبية على حياته التي تحولت إلى مزيج من الحِلِّ والترحال والنزوح ناهيك عن أنَّ الأزمة استهدفت مصادر عيش المواطن السوري في كافة المناطق، ليدخل قوت يوميه وعياله ضمن المعادلات والحسابات السياسية لتتحول سوريا إلى أفقر بلدٍ في العالم دونما منازع، ويضاف إلى هذا كلّه العقوبات الاقتصادية وإغلاق المعابر الداخلية بين المناطق السورية وأزمة انتشار جائحة كورونا  وحتى هذه الجائحة تحولت إلى مادة تستثمر سياسيا، فمنذ أكثر من خمسة أشهر بدأت جميع دول العالم بحملات التلقيح ضدَّ هذا الوباء، وقد انتظر السوريون هذه المدّة على أمل وصول دفعات من هذا اللقاح عبر منظمة الصحة العالمية وبالفعل خصص حوالي ٢٠٠ ألف جرعة وصلت حديثاً إلى سوريا على أنْ تتولى المنظمة إيصالها إلى كافة المناطق السورية ولكن المنظمة العالمية والتي من المفترض أنْ يندرج عملها تحت عباءة العمل الإنساني فقط  خيبت آمال الكثير من السوريين من حيث آلية التوزيع وعدد الجرعات لكلّ منطقة حيث لم يصل لمناطق شمال وشرق سوريا والتي تضم قرابة أربعة ملايين مواطن سوى ٦٤٥ جرعة فيما بدا أنَّ هذا الترياق سيدخل على خط المساومات السياسية بما يخص الانتخابات السورية المزعومة أو أنَّه دخل ضمن الحسابات و الضغوطات التركية التي استهدفت المنطقة منذ ثلاثة أشهر بقطع مياه نهر الفرات ممّا انعكس سلباً على حياة ملايين السورين ويهدد أمنهم الغذائي، وهنا السؤال الصعب الذي يطرح نفسه وبقوة ماذا بوسع المواطن السوري فعله في ظل هذه الظروف؟! وكلّ هذا التحامل عليه محلياً ودولياً إذ لم يكفيه أزمة النزوح والتغيير الديمغرافي والتهجير القسري، وانهيار الاقتصاد السوري وتدهور سعر صرف العملة السورية وإغلاق المعابر وانتشار جائحة كورونا، وفي النهاية يصبح لقاح هذا المرض مادة للمساوة، وهذا ما يفسر لنا صمت المجتمع الدولي عن كلّ ما جرى بحق أبناء سوريا على يد النظام السوري واستخدامه كافة الأسلحة بما فيها الكيميائية ضدَّ شعبه، وما جرى على يد المنظمات الإرهابية التي انتشرت في معظم المناطق السورية وآخرها ما جرى على يد دولة الاحتلال التركي وقطعها لمياه الفرات وتلاعبها بحياة الملايين دون أدنى رد داخلي من النظام السوري، أو خارجي من المجتمع الدولي، بالفعل كما أسلفت في بداية المقال جائحة كورونا فضحت وعرّت النظام العالمي البعيد عن الإنسانية، وما يتغنى به من ديمقراطية ما هي إلا ستار لا يكاد يغطي هذا السوء الذي ظهر بفعل هذه الجائحة،  وهذا يفرض علينا نحن أبناء سوريا تحمل مسؤولية كبيرة في حماية أنفسنا في ظل كلّ هذا التآمر عبر البحث عن حل قضايانا و أزماتنا داخلياً والابتعاد قدر الإمكان عن محاور الحسابات الدولية التي تتلاعب في حياتنا ومصيرنا في سبيل استمرار مصالحها دون أدنى رحمة أو شفقة  بحياة ملايين السورين.