لكل السوريين

كهوف “بغديك” مشروع سياحي مؤجل

تقع”بغديك” شمال غرب محافظة “الرقة” على الحدود السورية التركية، وتبعد عن مدينة “الرقة”، خط نظر حوالي /95/كم، وللسالك طريق “تل أبيض” نحو /130/كم، كما تقع على بعد /30/كم إلى الغرب من مدينة “تل أبيض”، وتعتبر مركزاً للقرى المجاورة لها، وتتبع لها عدة مزارع وقرى أهمها، “مزارع بغديك” الجنوبية، و”المحبة”، و”فلة”، و”كل تبة”، التي تعني بالعربية “تل الرماد”، و”آق باش”، وتعني “الرأس الأبيض”، و”العيدانية”.

الموقع هضبتان جبليتان تقعان شرق وجنوب المواقع المذكورة سابقاً، تدل إحداهما أنها كانت مقبرة واسعة، وتدل الثانية أنها منطقة صناعية، ففي الأولى عشرات المدافن، كل مدفن مزود بدرج حجري، يفضي إلى قاعة تطل عليها مصاطب للتوابيت، أغلبها لتوابيت كبيرة، وأقلها لتوابيت صغيرة. مما يدل على أنها مدافن أسرية وتقع “بغديك” في منطقة زراعية خصبة، يتجاوز معدل الأمطار السنوي فيها حوالي /300/مم، وتشتهر بزراعة القمح والشعير والقطن والكمون والمحاصيل البقولية، ويبلغ عدد سكانها أكثر من ثلاثة آلاف نسمة.

ونسبة.. في القرية مواقع أثرية هامة تعود إلى عصور غابرة لم ينقب فيها حتى تاريخه، بالقرب من قرية “بغديك” تتوضع مجموعة كبيرة من المدافن والكهوف الأثرية، التي تعود إلى الفترة المسيحية المبكرة، وتقول المصادر الأدبية والتاريخية، أنه إبان ظهور الدين المسيحي الجديد، قامت الدولة الوثنية الرومانية بمطاردة كل من اعتقد بهذه الدين، لذلك فرّ الكثير منهم إلى الجبال والبراري المحيطة بالحواضر القديمة، وهناك أقاموا أماكن للعبادة في العراء الطلق، حيث كانوا يمارسون طقوسهم الدينية، كما أنهم قاموا بنحت مساكن لهم في هذه الجبال، وهو النوع الثاني الذي نسميه بالكهوف. ونتيجة للتقصي الأثري في منطقة “بغديك”، عُثر على ثلاثة أنواع من الكهوف والمدافن، وأماكن العبادة، أولها كهوف السكن العملاقة، وهي منحوتة في الصخر الصلب، على شكل غرف متجاورة، استعملها المسيحيون الأوائل للسكن والمبيت، ولوحظ في داخل هذه الغرف على بعض الإشارات “الأركيلوجية”، مثل “الحنيات” داخل الغرف، كانت تستعمل لوضع الشموع والزيوت، التي كان يستعملها المسيحيون الأوائل.

– النوع الثاني كهوف عملاقة، نُحتت أيضاً في الصخر، وسقوفها محمولة على أعمدة عملاقة، منحوتة من أصل الكهوف ذاتها، وفي داخلها مجموعة من الزخارف المنحوتة، والتي ترمز إلى المعتقدات الروحية المسيحية الجديدة، وفي أعلى هذه الكهوف توجد فتحات علوية، تستعمل لجلب الهواء البارد، وطرد الهواء الساخن في فصل الصيف.

النوع الثالث، وهي المدافن المنحوتة بالصخر، على شكل أقبية، وفيها مجسات في الجوانب الأربعة لهذه المدافن، ويولج إليها عبر فتحة أبعادها /50×90/سم، ويبدو أن هذه المدافن قد نُهبت في فترة الاحتلال الفرنسي لسورية، وهي كثيرة العدد، وتقع إلى الجانب الغربي من قرية “بغديك”.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن نوع الكهوف التي كانت تستعمل للمبيت قديمة جداً، وتعود إلى فترة ما قبل التاريخ، وقد قطنها الإنسان الأول، ويبدو أنه في الفترة المسيحية المبكرة استعملت من قبل أوائل المسيحيين مع بعض الإضافات الجديدة.