لكل السوريين

تراجع الثروة الحيوانية وسط سوريا.. هل علينا أن ندق ناقوس الخطر لحال الثروة الحيوانية في سوريا؟

تقرير/ بسام الحمد

أدى التهريب إلى استنزاف الثروة الغنمية بعد الحرب لا سيما في حمص وحماة والتي تعتبران المحافظتان الأولتين من حيث العدد، لكن التهريب حدث على المناطق الحدودية حيث الحدود الممتدة لمئات الكيلومترات، ومن الصعب ضبطها في هذه الظروف. ففي المنطقة الشرقية، على سبيل المثال، تهرّب رؤوس القطعان عبر سماسرة وأشخاص معروفين، لتذهب إلى دول الجوار مثل العراق وتركيا والدفع بـ(الدولار)، أي مبلغ مغرٍ جداً للمربي. ووفق مدير الإنتاج الحيواني تناقصت الأعداد إلى أقل من ١٧ مليون رأس، وفق إحصاءات مكتبية وتقارير منظمات دولية.

وأمام هذا الواقع يؤكد المعنيون أنه يتم التنسيق مع الجهات المعنية من الجمارك وغيرها للتقليل والحدّ منه، من خلال توثيق الأعداد وتغريم المربي في حال نقصان القطيع وغير ذلك.

عند طرح السؤال على المعنيين حاولنا أن يكون بالعموميات عن تراجع هذه الثروة والأسباب، وعند طرح سؤال التهريب يتحوّل الحديث إلى التلميح عند البعض والتهرّب من الإجابة، والبعض الآخر لم يخفِ هذا الموضوع، علماً أن هذا الموضوع موجود قبل الحرب وبعدها بهدف الربح.

وتهرّب الأغنام يومياً إلى دول الجوار، عن طريق شبكات وسماسرة والدفع بالدولار، ويعتبر التهريب هو من الأسباب التي أدت إلى تراجع الثروة الغنمية بشكل كبير، لتأتي الأسباب الثانية من غلاء الأعلاف، حيث وصل سعر طن الشعير إلى ثلاثة وحتى أربعة ملايين ليرة، وكذلك طن التبن ستة ملايين. ناهيك بغلاء الأدوية البيطرية بسبب صعوبة إيصالها عن طريق وزارة الزراعة، الأمر الذي يجبر المربي على بيع جزء من قطيعه لتأمين مستلزمات تربية ما تبقى منه.

وللاتحاد العام للفلاحين دوره، وخاصة أنه يعدّ جهة مدافعة عن الفلاح والمربي، لكن بحسب مسؤولين أنه لا يمكن مكافحة تهريب الأغنام من دون التنسيق مع الجمارك، و مهمتها وضع ضوابط تمنع التهريب والتأكيد على تكليف الجمارك تنظيم بيانات جمركية مع ضرورة إرفاق وثائق نقل للمربين، على سبيل المثال في حال أراد المربي نقل قطيعه من منطقة إلى أخرى يحتاج إلى وثائق حيازة، وفي حال نفوق عدد من الرؤوس أثناء التنقل تؤلّف لجنة من طبيب بيطري لإثبات كيفية نفوق هذه الماشية.

لا يخفى على أحد تراجع الثروة الحيوانية لأسباب باتت معروفة للجميع، ووفق الإحصائيات الرسمية بلغت أعداد الأغنام أقل من ١٧ مليون رأس، والأبقار ٨٧٠ ألف رأس.

فيما تشير ارقام إلى انخفاض أعداد هذه الثروة بين ٣٠ و٥٠ % حسب الأنواع الحيوانية، وهذا يعود إلى جملة عوامل، باتت معروفة للجميع، منها الحرب التي تقف في مقدمة الأسباب، حيث أدت إلى تدمير البنى التحتية والمزارع ومنشآت تربية الحيوانات، ومن ثم جاء موضوع الغلاء العالمي لأسعار الأعلاف، فهناك ارتفاع عالمي لهذه الأسعار، ليس في سورية فقط، وإنما في كل بلدان العالم، لكن الوطأة تكون في سورية أكبر بسبب الحصار الاقتصادي والعقوبات المفروضة على سورية، وبالتالي فإن وقع الغلاء العالمي للأسعار يكون مضاعفاً بالنسبة لسورية، وهذا الأمر دفع الكثير من المربين أحياناً إلى بيع جزء من قطعانهم لتربية الجزء الآخر، إضافة إلى عملية التهريب.

وللحد من تهريب القطعان بات هناك تنسيقاً دائماً مع إدارة الجمارك العامة للحدّ من هذه الظاهرة، على سبيل المثال في مواسم الرعي تم الاتفاق مع إدارة الجمارك العامة على أن يتم ترقيم الحيوانات أثناء الرعي، وبالتالي تعود الأرقام نفسها مع الحيوانات إلى المناطق التي خرجت منها، أيضاً هناك تدقيق في موضوع أن تكون هناك وثيقة نقل للحيوانات مع كل القطعان التي تتحرك بين المحافظات، لكن مع ذلك لا تزال هناك حاجة إلى التشدّد أكثر بظاهرة تهريب الثروة الحيوانية.

وبسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وانهيار البنية التحتية للثروة الحيوانية والتهريب الجائر، كل ذلك أدى إلى عجز أغلبية الناس عن تأمين الحد الأدنى من احتياجات ماشيتهم، بدليل انخفاض الطلب على منتجات هذا القطاع ككل. وهذا ما حذّر منه كثيرون، لأننا أولاً وأخيراً بلد زراعي وفيه الكثير من الخيرات يتحوّل إلى بلد من دون موارد، بالتأكيد ستكون نتائجه كارثيّة لمصلحة حفنة من المستوردين.