لكل السوريين

الطاقة الشمسية خيار الحلبيين في مواجهة انقطاع الكهرباء وموجات الحر

حلب/ خالد الحسين

في ظل موجات الحرّ المتكررة ودرجات الحرارة المرتفعة التي تشهدها مدينة حلب مع دخول فصل الصيف، يتجه عدد متزايد من الأهالي نحو حلول بديلة لمواجهة الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، الذي بات جزءاً من الحياة اليومية في المدينة. من بين هذه الحلول، برزت ألواح الطاقة الشمسية كخيار أساسي، رغم كلفتها المرتفعة، لما توفره من طاقة مستمرة تساعد السكان على تأمين حاجاتهم الأساسية كتشغيل البرادات والمراوح وشحن الأجهزة الإلكترونية.

وفي تقارير سابقة نشرها “السوري”، أشرنا إلى تدهور واقع الكهرباء في المدينة، حيث يعاني السكان من انقطاعات متكررة ولساعات طويلة، وهو ما جعل الحياة اليومية مرهقة، خاصة في الأحياء المكتظة بالسكان مثل الحمدانية وسيف الدولة ومساكن هنانو. هذه الأزمة أجبرت العديد من الأهالي على البحث عن بدائل، وكان خيار تركيب الألواح الشمسية هو الأبرز، على الرغم من ارتفاع تكاليفه. كما أن ارتفاع أسعار “المبيرات” التي يعتمد عليها الأهالي عادة كمصدر بديل للطاقة ساهم في تحول الأهالي للطاقة الشمسية التي تعد أقل كلفة من الامبيرات حيث بلغ الاشتراك الأسبوعي للمولدات في بعض الأحياء أكثر من ٧٥ ألف ليرة سورية، وهو مبلغ مرهق لميزانية الأسر محدودة الدخل.

التقينا بأحد سكان حي الحمدانية، أبو يوسف، الذي قام مؤخراً بتركيب منظومة طاقة شمسية فوق سطح منزله. يقول: “دفعت مبلغاً كبيراً تجاوز العشرة مليون ليرة لتركيب الألواح مع البطاريات والملحقات، وهو مبلغ كبير، لكني وصلت لقناعة أنني لا أستطيع الاستمرار بالاعتماد على الكهرباء النظامية أو المولدات. الآن أتمكن من تشغيل ما أحتاجه من أجهزة يومياً، خاصة في ساعات الظهيرة حيث تكون الشمس قوية، وأشحن البطاريات للاستخدام الليلي”. ويضيف: “في البداية كان القرار صعباً بسبب التكاليف، لكن مع مرور الوقت أشعر أنني اتخذت القرار الصحيح، فقد ارتحت من همّ انقطاع الكهرباء والمولدات وضجيجها وتكاليفها”.

من جانبه، تحدث لنا المهندس طلال الأحمد، وهو مهندس كهرباء يعمل في صيانة وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية، مؤكداً أن الطلب على هذه الأنظمة تضاعف خلال الشهور الثلاثة الماضية. يوضح المهندس أن “من أبرز ميزات ألواح الطاقة الشمسية أنها توفر استقلالية كبيرة للمستخدم، وتعمل بصمت ومن دون انبعاثات أو ضجيج، ولا تحتاج لصيانة متكررة. لكن في المقابل، لا بد من الإشارة إلى بعض السلبيات مثل ارتفاع الكلفة الأولية، والحاجة إلى توفر مساحة مناسبة لتركيب الألواح، وانخفاض كفاءتها في أيام الشتاء أو خلال فترات الغبار الكثيف”.

وفي ظل هذا التوجه الشعبي المتزايد نحو الطاقة البديلة، تواصلنا مع أحد المسؤولين في بلدية حلب، والذي فضل عدم الكشف عن هويته. أكد المسؤول أن البلدية تدرك تماماً حجم الأزمة التي يعاني منها السكان، وبيّن أن هناك دراسات تُجرى حالياً بالتنسيق مع وزارة الكهرباء لتحسين واقع التغذية الكهربائية، وقال: “نحن لا ننكر وجود تقصير، لكن هناك ظروفاً خارجة عن الإرادة مثل نقص الفيول والضغط الكبير على الشبكة. نأمل أن نتمكن خلال الأشهر القادمة من زيادة ساعات الوصل، خاصة في الأحياء التي تشهد ضغطاً سكانياً عالياً”. لكنه لم يقدم أي جدول زمني واضح لذلك، مشيراً إلى أن الأمر مرهون بتوفر الموارد.

يبدو واضحاً أن الواقع الكهربائي في حلب دفع بالسكان إلى التكيف مع الأزمة بأساليبهم الخاصة، متحملين التكاليف من أجل تأمين الحد الأدنى من الراحة في ظل صيفٍ لا يرحم. وبينما ينتظر الأهالي تحسناً قد يأتي أو لا، تظل ألواح الطاقة الشمسية حلاً مؤقتاً وإن كان مكلفاً.

- Advertisement -

- Advertisement -