لكل السوريين

منذ نصف عقد.. معاناة الخدمات الفنية في السويداء تؤثر على الأهالي

منذ خمس سنوات مضت، تعاني مديرية الخدمات الفنية بالسويداء واقعاً صعباً، تضمن شحاً كبيراً من الميزانيات المالية وتناقص عقود العمل ونقص التوريدات والمخصصات من مادتي المازوت والبنزين من قبل الحكومة، وما تشهده المديرية انعكس سلباً على الواقع الخدمي داخل السويداء وأثار استياءً كبيراً من قبل سكان أحياء جراء هذا الترهل.

ويسكن حامد النشار (٥٢ عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي المقوس شرق مدينة السويداء، ويعاني الحي من تردي الواقع الخدمي، بالطرقات ضيقة وغير معبدة وأقنية الصرف الصحي مهترئة.

ومنذ خمس سنوات، تم البدء بالعمل داخل الحي من قبل مديرية الخدمات الفنية، ولكن، بحسب “النشار”، “توقف العمل بشكل كلي لأسباب أوعزها أحد المهندسين والمكلف بالعمل إلى تعطل الآليات وعدم توفر مادتي المازوت والبنزين.”

وأضاف “سكان الحي رفعوا عدة شكاوى إلى محافظ السويداء، كان آخرها منذ شهر، طالبنا الجهات الحكومية بتأهيل الحي خدمياً واستكمال ما تم العمل عليه منذ سنوات.”

ولكنهم لم يتلقوا أي إجابات عن هذا التقصير الحكومي، سوى تلميحات من قبل لجان الخدمات الفنية حول “وجود عجز مالي كبير وانتظار الدعم من دمشق.”

ويبلغ عدد سكان حي المقوس ٥٠٠ نسمة بين رجال وأطفال ونساء يعانون صعوبة في السير على الطرقات الترابية وخاصة في فصل الشتاء، حيث تمتلئ الحفر الموجودة داخلها بمياه الأمطار، إضافة إلى فيضان مياه الصرف الصحي.

وحي المقوس هو واحد من عشرات الأحياء التي تعاني غياب الخدمات الطرقية والبنية التحتية، ولكن بنسب متفاوتة، دون أدنى مسؤولية حكومية حول واقع بنيوي مهترئ يدفع السكان ضريبته.

وقال صالح الخير (٤٥ عاماً) وهو اسم مستعار لموظف حكومي يعمل داخل مركز الدراسات الإنشائية الخدمية في مديرية الخدمات الفنية بالسويداء، إن “عدد المشاريع المتوقفة منذ سنوات والمقرر تنفيذها هذا العام من قبل مديرية الخدمات الفنية على مساحة مدن وبلدات السويداء يتجاوز الخمسين مشروعاً.”

من تلك المشاريع، “شق طرقات رئيسية وفرعية وإعادة توسعة بعض الساحات وبناء حدائق وإعادة تأهيل قنوات الصرف الصحي وذلك بالتعاون مع البلديات التابعة لكل منطقة.”

ولكن بحسب “الخير”، فإن الميزانيات المالية الممولة للمشاريع وحسب الخطة “ضعيفة وغير متوفرة.”

وأضاف: “الموارد البشرية داخل مديرية الخدمات الفنية، تسربت أعداد كبيرة منها خلال الخمسة سنوات الفائتة بلغت نسبتها تقريباً الخمسين بالمئة، بين هجرة للخارج بحثاً عن العمل أو فصل وظيفي لعدم الالتحاق بالخدمة الإلزامية.”

وأشار إلى أن ردم تلك الثغرات الحاصلة داخل الهيكلية التوظيفية داخل مديرية الخدمات الفنية بالسويداء، “لا يمكن ترميمها طالما الحكومة لاتضع خطط تنموية مستدامة هدفها المحافظة على العنصر البشري الكفؤ.”

قال حازم لطفي (٤٢ عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المهندسين الجدد والمكلفين بمتابعة ملف الآليات المتوقفة داخل مرآب الخدمات الفنية: إن مشهد توقف عشرات الآليات الثقيلة داخل مرآب الخدمات الفنية بالسويداء يدعو إلى “الألم والحزن.”

وأشار إلى أن آليات تبلغ تكلفتها عشرات الملايين متوقفة عن العمل جراء الحاجة إلى تبديل قطع غيار لم يتم توفيرها من داخل الميزانيات الحكومية بالسويداء.

فساد إداري ومالي

وقال إن “الفساد الإداري والمالي الحاصل داخل مديرية الخدمات الفنية من قبل رؤساء أقسام ومدراء تعاقبوا على مديرية الخدمات كان الهاجس الوحيد لهم هو البقاء على رأس عمله أكبر مدة ممكنة، دون الالتفات إلى تحسين واقع المديرية وتنفيذ مشاريع حيوية كان بالإمكان العمل عليها.”

وأضاف: “الجزء الأكبر من الفساد داخل الخدمات الفنية مرتبط بلجان المشتريات التي كانت تشكل كل عام من قبل محافظ السويداء والتي كانت تعمل وبالخفاء مع تجار قطع الغيار داخل المناطق الصناعية وإصدار فواتير وهمية بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية.”

وأرجع رائد عواد (55 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد المسؤولين الحكوميين في القطاع الخدمي في السويداء، العجز الحكومي في تمويل مديرية الخدمات الفنية للحصار الاقتصادي الذي تتعرض له البلاد.

وأشار إلى أن قطع الغيار المتعلقة بالآليات المتوقفة باهظة الثمن وجزء كبير منها بحاجة إلى الاستيراد من الخارج وهو غير متوفر في الوقت الراهن.

وأضاف: “رغم العجز المالي وتوقف الكثير من الآليات عن العمل جراء شح مادتي المازوت والبنزين، إلا أن العمل مازال قائماً في العديد من المشاريع داخل السويداء.”

واعتبر “عواد” أن الحرب السورية فرضت على المديريات الخدمية داخل السويداء “واقعاً تنموياً وخدمياً صعباً.”

نورث برس