لكل السوريين

عادات رمضانية مهددة بالاندثار في حمص

حمص/ بسام الحمد

غيّرت الحرب الكثير في حياة السوريين بشكل كامل، ومن بين ما طالته يدها عاداتهم وتقاليدهم. ولئن كان التغيير سنّة من سنن الكون، فإنه غالبًا ما يكون بطيئًا وغير ملحوظ الأثر إلا على المدى الطويل، إذ ترث الأجيال عاداتٍ لا تعرف سبب ظهورها، وتفتقد في حياتها تقاليد لا تعلم متى ولمَ اندثرت.

لكن هذا الحال مختلف اليوم، إذ يفتقد السوريون على العموم وسكان حمص على التحديد، عاداتٍ كانت موجودةً في ماضيهم القريب جدًا، صار الكثير منها نادرًا أو مهددًا بالاندثار مع تغيّر الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

منها العزيمة (أو العزومة في بعض الأقطار العربية) في مختلف المحافظات السورية، وتعني دعوة أحدهم إلى وجبة طعام تتكلف أنت عناء تحضيرها أو دفع ثمنها.

في المجتمع الحمصي لم تكن العزيمة مرادفًا لبذل المال والكرم فحسب، بل هي فرصة للتلاقي والتجمع في العائلات الكبيرة أيضًا، ومناسبة لإصلاح ذات البين أحيانًا، أو قد تقام “على شرف” مناسبة سعيدة ما.

ولعلّ العزيمة من أكثر العادات “المهدّدة بالاندثار” بين السوريين، إذ يندر من يستطيع تحمّل تكاليفها اليوم، وجعلت التكاليف الباهظة العزائم “بخبر كان” عند السوريين.

كذلك السكبة وتعني إرسال جزء من غداء اليوم للجيران، بصحن يسمى “صحن السكبة”، ويعتبر رمضان الموسم الأساسي للسكبة، بغرض مشاركة الطعام مع الجيران الذين وصلتهم رائحته ولابدّ.

والحلويات أيضاً، والتي ارتفعت أسعار الحلويات والشوكولا بشكل كبير في سوريا، إذ يترواح سعر كيلو الشوكولا بين 25000 إلى 50000 ليرة للجودة المتوسطة، أما أسعار الحلويات فيترواح سعر الكيلو بين 25000 و80000 ليرة لبعض الأصناف مثل المبرومة (تجاوز سعر كيلو المبرومة 80 آلاف ليرة في بعض المحلات)، والسبب هو ارتفاع ثمن السمن العربي (الكيلو بـ نحو 90 ألف ليرة) وارتفاع ثمن الفستق الحلبي.

كما أن الأضاحي باتت من العادات المهددة بالاندثار، ليست الحلويات وحدها ما اختلف شكله وعدده في العيد، كذلك نُدرة الأضاحي، إذ تكاد تكون معدومة نتيجة ارتفاع أسعار الأضاحي واللحوم بشكل كبير إذا شارف على الوصول إلى 100 ألف ليرة للكيلو الواحد.

والعيدية وهي مبلغ من المال يُعطيه الكبار للأطفال في الأعياد، تختلف قيمة العيديّة حسب درجة قرابة مُعطيها ومحبّة الطفل المُعطى، ومتانة العلاقات العائلية بين الطرفين.

ثم إن التوقف عن توزيع “العيادي” أمر طبيعي مع كثرة الأطفال وقلّة الدخل، يتسبب الأمر بحروب عائلية حقيقية إن أعطيت طفلًا ونسيت إعطاء آخر، ومع وجود عائلات كبيرة فيها ما يزيد عن 15 طفلًا يُصبح الأمر عبئًا ماديًا حقيقيًا، خاصة أن مبلغ 1000 ليرة كان ثروة حقيقية بالنسبة لنا، أما اليوم فهي لا تُعجب أيّ طفل لأنها ببساطة لا تشتري له شيئًا.