لكل السوريين

“الفالنتاين”.. الحرب تفرض كلمتها

تقرير/ جمانة الخالد 

فرضت الأزمات المتتالية ألوانها المثقلة بالهموم، فغلب الرمادي على المشهد، لا دببة حمراء “معلّقة” في شوارع حماة، ولا الورد الأحمر وجد طريقه إلى الأرصفة، ويمكن القول إن الحفلات نادرة والمطاعم لن تحتضن العشاق هذا الموسم.

لا شيء يحلّ مكان الحب

بالرغم من ذلك، يعتبر الكثيرون من الشبان والشابات بأن “الفالنتاين” أسمى من أن يرتبط بقطعة ذهبية، أو موبايل جديد، وإنما هو يوم للرومانسية فقط، بعيداً عن الماديات.

“نزار قباني ألّف دواوين شعرية عبّر عن حبّه من خلالها وتوارثتها أجيال وأجيال، بينما لو قام بالتعبير عن حبّه بإهداء محبوبته طوق من الألماس، أو رحلة إلى باريس، من كان سيذكر؟”، تقول “مريم” مُتسائلةً.

يلجأ “فارس” وهو طالب كلية الآداب في جامعة حماة، لصفحات المشغولات اليدوية على “فيسبوك”، يسأل عن أسعار الأساور والأطواق، التي تحوي على حروف اسمه واسم محبوبته، وقال “فارس”: “أفضل الهدايا التي تحمل قيمة معنوية، عوضاً عن الهدايا باهظة الثمن، فالحب ليس شيئاً يشترى”.

ليضيف الشاب الجامعي: “حقيقةً لا أعلم إن كنت أفضل تلك الهدايا أم فرضت عليّ من مبدأ مجبر أخاك لا بطل، بكافة الأحوال وصلت قيمة الأساور المشغولة يدوياً إلى 7000 ليرة سورية، والأطواق لـ 9 آلاف ليرة، والأهم من هذا كلّه أنّو حبيبتي بتفرح بهالهدايا رغم بساطتها”.

من جهتها، لمى والتي تحب شاباً في منتصف العشرينيات، سافر قبل حوالي الشهر إلى “أربيل” بحثاً عن عمل بعد تخرجه، قالت: “لم أستطع أن أخفي فرحتي عندما وصلني ظرف بريدي، مربوط بشريطة حمراء”.

وأضافت “لمى”: “رسالة بخط يده، مع عبارة بحبك واشتقتك، رغم محادثاتنا اليومية على واتسآب، كانت كافية لأشعر بأن الكون كلّه بيدي، أساساً أنا بعرف أنه مفلّس، ولسه ما لاقى شغل”.

يجول كرم على محلات التحف، ويسأل عن أسعار الأكواب، والبورتوكليه، يختار فنجان رسم عليه “كيوبيد”، ويقول: “سعر الفنجان 10 آلاف ليرة سورية، وقالب كاتو على شكل قلب، هيك بتكون قصة حبنا مكتملة”، ويختم حديثه مع تنهيدة: “الله يعين العالم”.

هبة معلمة للصف الأول الابتدائي، في إحدى مدارس مصياف بريف حماة، تقول: “أنا طرطوسية ومتعينة جديد هون، أنا بمحافظة وخطيبي بمحافظة، وللحقيقة السنة احترت كتير بالهدية، لأن مادياتي صارت على قدها، وكل شيء محسوب بالورقة والقلم”.

وتابعت “هبة”: “منذ مدة علمت بأن إحدى العاملات بالمدرسة بتشتغل بالكروشيه والصوف، طلبت منها أن تصنع لي وشاح صوفي (لفحة) لخطيبي، وهيك انحلّت قصة الهدية بأقل خسائر ممكنة”.

وأضافت المعلمة: “اشتريت لها كرات صوف ملوّنة بسعر 7000 ليرة للواحدة، وأعطيتها مبلغ مالي اتفقنا عليه مسبقاً، مقابل قيامها بحياكة اللفحة”.

يا ورد مين يشتريك؟

سامر (32 سنة)، قال: “من المؤسف رفع أسعار الورد بهذه المناسبة واستغلال عادة تبادل الورود تعبيراً عن هذا الشعور الإنساني الجميل”، وأضاف: “هذا الاستغلال دفع المحبين الى التأقلم مع المتغيّرات، والاستغناء عن الورد غالباً، للضرورة أحكام”.

وتفتقد دمشق للون الأحمر الذي كان يلّون شوارعها في مثل هذه الأيام “موسم فالنتاين” ويغيب مشهد الدببة الحمراء المعلّقة على مداخل وواجهات المكتبات ومحال بيع الهدايا إلّا القليل منها.

وتبقى السيدة فيروز المحبوبة التي فضلت أن “تقعد من عشيّة بالسهرية”، على أن يقدّم لها حبيبها “هدايا حرير وأسواره عيدية”، واشترطت عليه بألّا “يغيب كتير أو يتأخر ليليّة”.