لكل السوريين

إلغاء بند من الإصلاحات القضائية.. ضربة موجعة لحكومة نتنياهو

بعد أن أثار احتجاجات واسعة وانقساماً كبيراً بالشارع الإسرائيلي، ألغت المحكمة العليا في إسرائيل “بند المعقولية” الوارد ضمن مشروع التعديلات القضائية المدعوم من الحكومة الذي أقره الكنيست في شهر تموز الماضي.

وهذا البند جزء من “إصلاحات قضائية” أوسع اقترحها نتانياهو وائتلافه الحكومي الذي يضم أحزاباً يمينية ودينية متشددة، وينص على حرمان السلطة القضائية من حقها في الحكم على “معقولية” قرارات الحكومة أو الكنيست.

وأدى مشروع التعديلات منذ أن أعلنت الحكومة عن تفاصيله، إلى انقسامات كبيرة في إسرائيل، وخرج مئات الآلاف بمظاهرات غير مسبوقة لرفضه والتنديد به طيلة الأشهر الأولى من العام الماضي، واعتبر المعارضون له أن تحالف نتانياهو اليميني المتطرف “يهدد الديمقراطية الإسرائيلية ويهدف إلى إضعاف القضاء”.

ويرى مراقبون أن رفض المحكمة العليا لقانون القضاء المثير للجدل، والحرب على قطاع غزة، من أكبر التحديات التي تواجه حكومة نتانياهو، وقد تحسم أمر مستقبله السياسي وبقاء حكومته،

وتحدد شكل الدولة التي ستكون عليها إسرائيل.

ورحبت غالبية الأوساط الإسرائيلية بقرار المحكمة الجديد، وأشارت إلى أنه “يبعث الراحة في نفوس الرأي العام الإسرائيلي الذي كان رافضاً منذ البداية لهذه التعديلات”، بينما انتقدت بعض الأصوات صدور القرار خلال الحرب على غزة.

تقييد صلاحيات وزير الأمن

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قراراً مؤقتاً يمنع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير من إصدار أوامر للشرطة، بعد أن منعت تعليماته مظاهرة للتنديد بالحرب على قطاع غزة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن المحكمة العليا أصدرت القرار بناء على توجيهاته للشرطة حول كيفية التعامل مع مظاهرة من قبل حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة للتنديد بالحرب الإسرائيلية على غزة.

ووفقا لنص القرار، “يمنع بن غفير من إصدار توجيهات عملية للشرطة بشأن تنفيذ سياسته أو فيما يتعلق بممارسة حق التظاهر وحرية الاحتجاج”.

ومنع القرار أيضاً تطرق الوزير إلى سبل استخدام القوة، ووسائل تفريق المظاهرات، والشروط المتعلقة بالزمان والمكان وطرق إجراء الحدث.

وكانت المحكمة قد أصدرت قراراً مماثلاً في شهر آذار من العام الماضي يمنع بن غفير من إصدار مثل هذه الأوامر، ولكن المحكمة وجدت أن الوزير قد خرق هذا الحكم.

وسبق أن وجهت اتهامات إلى بن غفير بمحاولة قمع المظاهرات الجماهيرية المعارضة للحكومة، ولا سيما فيما يتعلق بخطط الإصلاح القضائي، حيث أصدر توجيهات للشرطة بشأن استخدام أساليب أكثر صرامة في تفريق التجمعات.

سابقة خطيرة

في سياق ردود الفعل على قرار المحكمة العليا، اعتبر حزب الليكود أن القرار “يتعارض مع إرادة الشعب في الوحدة، خصوصاً في وقت الحرب”.

واتهم وزير العدل الإسرائيلي ياريف لافين المحكمة بالاستيلاء على جميع السلطات، واعتبر أن القرار “يحرم ملايين المواطنين من أصواتهم وحقهم الأساسي في أن يكونوا شركاء على قدم المساواة في صنع القرار”.

وأصدر آرييه درعي رئيس حزب شاس الديني الذي يشارك في الائتلاف الحكومي، تعليماته لأعضاء حزبه لصياغة قانون يمنع نشر قرار المحكمة، الذي “سيؤدي إلى تعميق الصدع في الأمة خلال الحرب، في الوقت الذي يضحي فيه جنودنا بحياتهم من أجل الدفاع عن إسرائيل”، حسب زعمه.

وفي المقابل، عارض حزب “المعسكر الرسمي” بقيادة بيني غانتس، وحزب “إسرائيل بيتنا” بقيادة أفيغدور ليبرمان، مبادرة درعي لمنع نشر الحكم.

واعتبر غانتس الحديث أن منعه يشكّل “سابقة خطيرة تمس استقلالية المحكمة”، وأضاف في بيان لحزبه، أن “الطريق الصحيح لمنع الانقسام المتوقع بعد نشر قرار المحكمة هو إلغاء التشريع في الكنيست”.

وبدوره، أعرب زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد عن دعمه الكامل لقرار المحكمة العليا.

ومع أن بعض المراقبين يعتبرون قرار المحكمة اختباراً لتماسك حكومة الطوارئ التي تشكلت لإدارة الحرب على غزة، يستبعد آخرون أن يشكّل القرار أي تأثيرات جوهرية على الائتلاف الحاكم، كونه تزامن مع أجواء الحرب التي تعيشها البلاد.

ويرون أنه لو صدر في أي وقت آخر لكانت تداعياته قوية بين الجمهور الإسرائيلي، وعلى مستوى تصعيد حدة التجاذبات السياسية بين الحكومة والمعارضة.

يذكر أن القانون الذي ألغته المحكمة العليا واحد من ثمانية مشاريع قوانين عرفت بـ “خطة التعديلات القضائية” التي دفعت بها حكومة نتنياهو وسط احتجاجات غير مسبوقة عمّت البلاد منذ مطلع عام 2023، واستمرت إلى أن وقعت عملية طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي، وشنّ الكيان الإسرائيلي حربه المدمرة على غزة.

وكان الكنيست قد صدّق على القانون المذكور في تموز الماضي في غياب المعارضة التي قررت أحزابها عدم المشاركة بالتصويت احتجاجاً عليه.