لكل السوريين

“سوء التغذية”.. خطر يواجه مرضعات وسط سوريا

تقرير/ جمانة الخالد

تتعدد جوانب المعاناة التي تُلقي بظلالها على أهالي وسط سوريا وبالأخص النازحين بسبب الفقر والحاجة والأوضاع المعيشية المتردية، إذ تعاني النساء بشكل مضاعف من أمور قد تُعد غير مرئية أو لا يتم التنبّه إليها وبالتالي جعلت البيئة أصعب بالنسبة إليهنّ، في ظل غياب شبه تام لمقومات الرعاية.

وعلى مدار السنوات أجمعت تقارير على أن الواقع الصحي في النازحين وبيئته باتت غير صحية وغير صالحة للحياة لفترات طويلة، الشيء الذي انعكس آثاره بشكل أوضح خلال السنوات الماضية على الأطفال والنساء، من الاستخدام المتكرر للمرافق الصحية المشتركة، وقلة المياه المستخدمة للتنظيف والشرب، وعدم وجود غذاء صحي متوازن.

وعملياً أدّت هذه البيئة السيئة إلى تفاقم معاناة النساء في وسط سوريا واجتمعت في ظاهرة “سوء التغذية”، لا سيما خلال فترة الحمل والإرضاع بسبب الأوضاع المعيشية المتردية، ما حرم نسبة كثيرة منهن من إرضاع أطفالهن طبيعياً، في وقت يعجزن عن تأمين الحليب الصناعي البديل بسبب الظروف المادية الصعبة وسعره المرتفع، وسط تفشي الفقر والغلاء وشح فرص العمل للرجال والنساء تحديداً.

لا تستطيع أغلب النساء زيارة طبيبة نسائية بسبب وضعها المادي الصعب، رغم أن بعضهن يحتجن إلى زيارة العيادة النسائية بشكل مستمر، بسبب أعراض مرتبطة بحملهن وتنذر مسألة عدم زيارة الأطباء بمشكلة لأطفالهم ومخاطر صحية على صحتهن.

ووفق تقديرات الأمم المتحدة فإن قرابة 33 في المئة من سكان سوريا يعانون من نقص الأمن الغذائي، إذ وثقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) زيادة نسب سوء التغذية بين النساء الحوامل والمرضعات بأكثر من ضعفين، مع معاناة ثلثهن من فقر الدم الذي يهدد صحة ونمو أطفالهن الجسدية والعقلية، عام 2019.

يقول أطباء أن هناك زيادة واضحة في عدد حالات سوء التغذية عند النساء وخاصة المرضعات، إذ أن هذه الظاهرة باتت تنعكس سلباً على الأطفال، لعدم كفاية الإرضاع الوالدي لهم والحاجة الملحّة للحليب الصناعي، ما يُسفر عن ضعف مناعة الطفل وزيادة الأمراض الهضمية والمعوية، بسبب الاستخدام الخاطئ للحليب.

ولمرض سوء التغذية درجات وهي “الحاد الشديد المُرمز بـ SAM والحاد المتوسط المُرمز بـMAM”، وأبرز أسبابه في مجتمعنا، هو ضعف التغذية عند الأمهات وقلة الوارد الغذائي الأساسي الذي تحتاجه جسم المرضعة، وأمّا بالنسبة لحالات الوفاة، بيّن أن هنالك حالات لكنها قليلة إذ يتم التعامل مع معظم هذه الإصابات في مراكز مختصّة في علاج سوء التغذية.

تقول طبيبات نسائية أن أبرز مسببات مرض “سوء التغذية” هو أخطاء التغذية الناتجة عن نقص الموارد المادية، ما يعني عدم وجود قدرة لدى العوائل على تغطية المصاريف التي تتعلق بالغذاء السليم للسيدة والطفل، إذ تضطر معظم السيدات لتناول أنواع أطعمة غير مغذية، وتعويض أطفالهن بأطعمة بسيطة وبأعمار مبكرة كحليب الأبقار الدسم والنشاء.

ومؤخراً باتت تتراجع نسب الإصابات بسوء التغذية، بسبب حملات التوعية الكثيرة التي أطلقتها المنظمات في المنطقة، ما ساعدن بشكل كبير في الحد من الإصابة بهذا المرض.

ولا تُغني الأدوية أو الزبدة التي تكلمت عنها الطبيبة عن الغذاء الطبيعي؛ إذ أن العلاج الصحيح والشافي لهذا المرض بشكل نهائي، يجب أن يترافق بغذاء مكمل وطبيعي، لتحسين بنية الجسم بشكل كامل.

وتشير آخر البيانات الصادرة عن “اليونيسيف” على أن مستويات سوء التغذية آخذة في الارتفاع، إذ قدرت آخر البيانات أن أكثر من 609.900 طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم في سوريا، الناجم عن نقص التغذية المزمن الذي يُسبب أضراراً بدنية وعقلية للأطفال، في حين تؤكد البيانات على أن 48 في المئة من الأطفال أيضاً الذين تتراوح أعمارهم بين 6-59 شهراً يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم، خلال عامي 2021 إلى 2022.