لكل السوريين

الحاجة تجّبر سيداتٍ حلبيات على العمل في منازلهن

نساءٌ جابّهنَ ظروفهن بابتكار حلول لعيش حياة كريمة لهن ولعوائلهن فوجدن عملهن في منازلهن طوق نجاة لمقاومة صعوبة الحياة.

و مع ضيق الأفق وضراوة الغلاء وتأثيره غير المتناسب على المداخيل المتآكلة، أصبح كل مايعرفه المواطن السوري ويتقنه من مواهب وحرف قابلاً للاستثمار، لتكشف الظروف التي نمر بها عن أنماط من ازدهار الأعمال غير المرئية أشبه بمشاغل صغيرة للصناعة والإنتاج، على رأسها “السوق المنزلي” والذي إن بدا ضبابياً إلا أنه أكثر الظواهر نمواً في مجتمعنا.

و من خلال رصد ” للسوري ” على رواج السوق المنزلي، وجدت أن بطلاته سيدات انخرطن بسوق العمل وحولن أعمالهن اليومية الروتينية إلى مصدر رزق وإعالة أسرة والأهم تحقيق استقلال مادي من خلال تطوير عملهن في صناعة المونة والحلويات ومختلف أشكال الحرف اليدوية من كروشيه وإكسسوار وألبسة وحلي وصابون ومنظفات وغيرها، استطعن رغم تحديات كثيرة أهمها بناء قاعدة من الزبائن، وتوطيد علاقة الثقة بين صاحب المنتج والمستهلك، من خلال مراعاة شروط العمل الإخلاص النظافة والجودة.

صناعة المونة وتوفير دخل العائلة

لم تقف (سهى الحمد ٤٦) مكتوفة اليدين أمام وضعها الصعب بعد تعرض زوجها لحادث أقعده في الفراش، ومعاناتها مع أولادها الذين يعانون من مشاكل صحية مختلفة، حسين 13 عاماً  يعاني من ضمور عضلات، والفتاتان واحدة 10 سنوات لديها  فتحتان في القلب والثانية 16 عاماً لديها  سوء امتصاص.

وجدت نفسها أمام مسؤولية كبيرة جعلتها تتخذ من صناعة المونة في منزلها مصدر دخل لها ولعائلتها، بدأت بكميات صغيرة “رب البندورة، الفليفلة، تجفيف ملوخية وباذنحان” وتوصيلها للمنازل حسب الطلب، ومالبث أن توسع عملها وشمل المربيات والمكدوس، وتوسعت دائرة الطلب على منتجاتها بعد كسب ثقة العملاء بالنظافة والطعم المميز، صحيح أن عملها متعب حسبما ذكرت سهى لاسيما “رب الفليفلة والبندورة “عليها أن تنظفها جيدا في المنزل ثم أخذها إلى المعصرة وبعدها تعود بها لتجفيفها وإيصالها للمستهلك، وارتفاع الأسعار المتصاعد الأمر الذي يفرض عليها رفع سعر المواد تماشياً مع الوضع، والاعتناء بزوجها وأولادها، إلا أنها راضية عن نفسها وعملها وتشجع كل سيدة لديها حب العمل أن تطلق العنان لنفسها لتحقيق ذاتها، فالاعتماد على نفسها لإعالة أسرتها أفضل من انتظار المساعدة.

والحال ذاته مع رهام 35 عاماً مسؤولة عن أولادها الثلاثة، اتخذت من صناعة المونة بمساعدة والديها مصدر رزق منذ أكثر من 10 سنوات، إلى جانب عملها بالإكسسورات “قلائد، وأحزمة” وترى أن عملها  منحها ثقة بالنفس وقدرة على مواجهة الظروف الصعبة، وتنصح كل سيدة بعدم الاستهانة بقدراتها.

من هواية لمشروع حلويات

تعد السيدة زينب واحدة من السيدات اللواتي حولن حبهن وهوايتهن بإعداد أصناف الحلويات إلى مشروع خاص داخل منزلها، فبعد تبدل أحوال العائلة، وعجز الراتب التقاعدي لزوجها من مواجهة الظروف المعيشية، فكرت في افتتاح معمل حلويات صغير، فخضعت لدورات وطورت إمكانياتها وعددت أصناف الحلويات منها المعروف “المعمول، كوكيز، بسكويت،” وآخر جديد “حلوى الشمع، أصابع الفستق، عجوة بالمكسرات وبسكويت الراحة” إلى جانب صنف الشوكولاتة بأشكال ونكهات جديدة محببة للكبار والصغار، ويبقى غلاء أسعار المواد الأولية العائق الأكبر في عملها لأنها تضطر لرفع سعر المنتج، الأمر الذي يعجب البعض ولا يعجب الآخر، لكنها مستمرة في العمل هي وعائلتها، ولها العديد من المشاركات في المعارض، وتشجع السيدات على أن يستغلن مواهبهن في أي مجال والانطلاق من منازلهن لتحقيق اكتفائهن الذاتي.

صوف وكروشيه حسب الطلب

على خطا مثيلاتها اتخذت آني موساتي من إتقانها لحياكة الصوف والكروشيه منذ طفولتها مهنة تعيل نفسها وأسرتها، بعد أن اقتصر عملها للأقارب والأصدقاء، توجهت لتوسيع نطاق عملها وشاركت بمعارض كثيرة فتحت لها آفاق العمل وطورت قدراتها، ووسعت قاعدة زبائنها، وزاد من تعلقها بمهنة طفولتها، ورغم ارتفاع سعر المواد الأولية باستمرار “الصوف” إلا أنها تبيع القطعة بسعر التكلفة حرصاً منها كما أوضحت على الحفاظ على عملائها وإيصال منتجاتها لأكبر عدد ممكن، وتؤكد موساتي على أن كل سيدة متميزة ومختلفة عن غيرها تحتاج فقط لاكتشاف مايميزها والبدء بمشروعها الخاص في منزلها.