لكل السوريين

عودة طوعية أم ترحيل.. لبنان يبعد دفعة من اللاجئين السوريين ومنظمات حقوق الإنسان دولية تحذّر

تحقيق/ محمد الصالح

استأنف لبنان ما أسماه “حملة العودة الطوعية للسوريين” من خلال دفعة اللاجئين الجديدة التي عبرت من أراضيه إلى سوريا.

وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية إن الدفعة دخلت الأراضي السورية عبر معبر الزمراني بريف دمشق ومعبر جوسيه بريف حمص، ويبلغ عدد أفرادها نحو 330 شخصاً.

وأشارت إلى أن العائدين “سجلوا أسماءهم في وقت سابق لدى مراكز الأمن العام لتأمين عودتهم إلى بلدهم”.

ونشرت وكالة سانا صور القادمين، وقالت إنهم “عبروا إلى قراهم وبلداتهم الآمنة والمحررة من الإرهاب، وسط إجراءات ميسرة من قبل الجهات المعنية”.

واعتبرت الوكالة أن “عودة اليوم تشكّل بداية أساسية في عملية متواصلة ومستدامة لتمكين السوريين الموجودين في لبنان بصورة شرعية وغير شرعية بالعودة إلى بلادهم”.

وفي وقت يواصل فيه مسؤولون لبنانيون التأكيد على أن هذه العودة “طوعية”، ويتمسكون بهذا العنوان ويسوقون له، ويفسرون قرارات مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة بما يخدم تنفيذه،

تقول المفوضية “يحق للاجئين العودة إلى وطنهم في الوقت الّذي يختارونه”.

وتعتبر قرار العودة فردياً “يتخذه اللاجئون بأنفسهم، ولا يعود الأمر للمفوضية أو لأي فرد آخر لاتخاذ القرار بشأن العودة نيابة عن اللاجئين”.

ويرى خبراء قانون وحقوقيون أن هذه العودة “غير طوعية” فيما يتعلق بتفاصيلها وتداعياتها.

منظمات دولية تحذّر

أعاد لبنان دفعة اللاجئين الجديدة إلى سوريا رغم تحذيرات أطلقتها عدة منظمات حقوق إنسان دولية، من بينها “هيومن رايتس ووتش” التي حذّرت من الخطوة.

وقالت منظمة العفو الدولية إن “سوريا لا تزال غير آمنة، وسبق أن وثّقنا ما واجهه اللاجئون السوريون من تعذيب وعنف جنسي واختفاء قسري واعتقال تعسفي بعودتهم”.

وذكرت المنظمة في بيان أن “لبنان اعتمد سلسلة من السياسات التقييدية المصممة للضغط على اللاجئين للعودة إلى سوريا، بما فيها القيود على الإقامة والعمل والتنقل”.

وأضاف البيان “مثل هذه القيود تثير مخاوف بشأن قدرة اللاجئين على تقديم موافقتهم الحرة والمستنيرة”.

واعتبرت أن “السلطات اللبنانية بتسهيلها عمليات العودة هذه تتعمّد تعريض اللاجئين السوريين لخطر الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.

وذكرت مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة أنها تواصل العمل مع السلطات اللبنانية والشركاء لضمان الاستمرار في استضافة اللاجئين الّذين لم يتخذوا قراراً بالعودة إلى سوريا.

وأوضحت المتحدثة باسم المفوضية في لبنان أنه خلال رحلات العودة التي جرت في عام 2023، تواصلت المفوضية مع بعض العائلات العائدة بينما كانت تستعد للمغادرة.

وأشارت إلى أن معظمها اتخذت قرار العودة بعد ضغوط شديد من قبل السلطات اللبنانية.

عودة طوعية أم ترحيل

شهدت الأيام التي سبقت إعادة الدفعة الجديدة من اللاجئين إلى سوريا موجة غير مسبوقة من التضييق على السوريين وتقييد نشاطاتهم في لبنان، والتحريض ضدهم، ضمن نطاق “الحل الجذري لمشكلة النزوح السوري”، الذي وضعه مسؤولون ونواب لبنانيون.

واستهجنت الناشطة الحقوقية اللبنانية، ديالا شحادة إعادتهم تحت مسمى “حملة العودة الطوعية”.

وأشارت إلى الفرق القانوني بين الترحيل والعودة الطوعية، وقالت “الترحيل قرار رسمي صادر عن السلطات اللبنانية لإخراج أجانب قسراً من البلاد وإعادتهم إلى بلدهم، وبالحالة السورية عبر الحدود البرية، لتتسلمهم السلطات السورية هناك”.

أما “العودة الطوعية فتقوم على تسجيل طلبات من سوريين راغبين بالعودة، ومن ثم تسهيل أمور عبورهم إلى الحدود، لاعتبارات من قبيل أنهم لا يحملون إقامات صالحة أو دخلوا خلسة، أو غير قادرين على دفع رسوم الغرامات”.

وذكرت الناشطة أن العودة تحمل في طياتها جانباً قسرياً “إذا حصلت بناء على ضغوط سياسية وإجراءات تعسفية، من مداهمات وتوقيفات أو هدم مخيمات والحرمان من الإقامة”.

واعتبرت هذه العودة “طوعية بظاهرها، لكنها تتضمن إجراءات قسرية دفعت اللاجئين مضطرين للعودة”.

يذكر أن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية بسام مولوي، دعا قبل أيام إلى التشدد في تطبيق القوانين على اللاجئين السوريين في لبنان بعد توقيف سبعة سوريين يشتبه بضلوعهم في مقتل المسؤول في حزب القوات اللبنانية باسكال سليمان، الذي عثر على جثته في سوريا.

وفي إشارة على تحميل اللاجئين السوريين مسؤولية الجريمة قال مولوي “لا يمكن أن يتحمل لبنان مزيداً من المشاكل والفتن”.